اختصما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دابة في أيديهما وأقام كل واحد منهما البينة أنها نتجت عنده، فأحلفهما علي (عليه السلام) فحلف أحدهما وأبي الآخر أن يحلف فقضى بها للحالف، فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد منهما وأقاما البينة، فقال: أحلفهما، فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين، قيل:
فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعا البينة، قال: أقضي بها للحالف الذي هو في يده).
بل ربما كان هو دليل التحالف على القول الأول وإن لم نقل به في غيره، إلا أنه خبر واحد، وفي سنده ما فيه، والمشهور نقلا وتحصيلا على خلافه، فلا يصلح مقيدا لما دل مما تسمعه من النصوص (1) وغيره على التنصيف بدونه، وكان ذلك هو العمدة في القول به، ضرورة أنه لو كان منشأه عند المصنف ما ذكره كان المتجه عنده التحالف مع عدم البينة، وقد عرفت عدمه عنده، بل كان ينبغي ملاحظة ما تسمعه منه من التفصيل في تقديم بينة الخارج على بينة الداخل، فمن ذلك وغيره يعلم أن ذلك ليس منشأ حقيقة وإن ذكروه تقريبا للمقصود.
ويؤيده أيضا ما قدمناه سابقا من أن يد كل منهما على الكل لا النصف، بل الظاهر عدم اندراج بينة كل منهما تحت ما دل على تقسيم بينة المدعي، لما تقدم من أن في كل منهما عنوان المدعى عليه باعتبار اليد، على أن العمل بنصف ما يشهد به بينة كل منهما ليس عملا ببينة خارج، ضرورة كون المشهود به الجميع فتأمل، فليس هذا منهم إلا تأييدا لما قلناه سابقا من استفادة القضاء في ذلك بالنصف فيكون حينئذ ذلك ميزانا من موازين القضاء من غير حاجة إلى تحالف.