الشهادة الثالثة على الشهادة، والمرتبة الثالثة من الشهادة على الشهادة بمنزلة المرتبة الثانية من الشهادة على الشهادة على الحكم، فتكون مسموعة، فإذا تعذر وصول شهود الأصل في المرتبة الأولى من الشهادة على الحكم حصل الغرض من الشهادة عليهما دون ما لو كانت الشهادة على شهادة الأصل، لأنها تنقص عنها بمرتبة، فقد لا يحصل الغرض بدون المرتبة الثالثة التي هي ثانية في الشهادة على الحكم).
إلا أنه كما ترى فرض نادر، بل هو خلاف ظاهر العبارة، خصوصا بملاحظة عبارة الفاضل في القواعد الظاهرة في إرادة مؤداها.
واحتمال كون مراده أنه لو لم يشرع الانفاذ لبطل إقامة الحجج بتطاول الأزمان - ضرورة توقف الحكم على شهود الأصل أو فروعهم، والفرض أن الشهادة الثالثة لا تسمع، بخلاف ما لو قلنا بمشروعيته، فإنه يبقى حينئذ على تطاول المدد بتجديد إنفاده عند كل حاكم، ولعله إلى ذلك أشار في القواعد كما عساه يفهم من الإصبهاني في شرحه، حيث إنه بعد أن استدل بالحاجة قال: (ولخوف الاندراس، والشهادة الثالثة غير مسموعة) - يستلزم التكرار فيما بعده، وهو قوله:
(ولأنه لو لم يشرع إنهاء الأحكام) إلى الحكام لينفذوها (بطلت الحجج مع تطاول المدد) التي يموت فيها الحاكم وشهود الأصل وفروعهم، وقد عرفت أن الشهادة الثالثة غير مسموعة إلا أن يفرض له تقريران، والأمر سهل.
(ولأن المنع من ذلك يؤدي إلى استمرار الخصومة في الواقعة الواحدة، بأن يرافعه المحكوم عليه إلى آخر، فإن لم ينفذ الثاني ما حكم به الأول اتصلت المنازعة) وفلت الغرض من نصب الحكام.
(ولأن الغريمين لو تصادقا أن حاكما حكم عليهما ألزمهما الحاكم)