العود لا غير، ويظهر من ذلك أنهم لا يضمون الذهاب إلى الإياب مطلقا.
ونحن نقول: إن لم يكن البلد وطنه ولا دار إقامته ولا يريد حصول قاطع فيها ويريد الرجوع قبل حصول القاطع فيقصر مطلقا، سواء ذهب من الأقرب وعاد من الأبعد أو بالعكس، وذهب وعاد من الأقرب إذا كانت المسافة أربعة مطلقا.
وكذلك فيما سيجئ فيمن يخرج من دار إقامته ولم يقصد مسافة جديدة، لكنه أراد الرجوع إلى منزله، فيقصر ذهابا وإيابا، وغير ذلك من الفروع.
ويظهر مما ذكرنا أن مبنى فتواهم هذه على تحقيقهم في أصل المسافة أن مدعي الاجماع في هذه المسائل وهو الشهيد الثاني صرح بعلة ذلك في نتائج الأفكار، وقال: إن الإياب لا يضم إلى الذهاب.
قال: المعروف بينهم أن للذهاب حكما منفردا عن العود، فلا يكمل أحدهما بالآخر إلا فيمن قصد أربعة فراسخ عازما على العود في يومه أو ليلته، وإنما أخرجت هذه بحكم النص. إلى أن قال: إذ لو اعتبر تكميل الذهاب بالعود صدق عزم المسافة فيمن قصد الرجوع من غده، وهو معلوم البطلان (1). فلاحظ.
وإذا لم يثبت الاجماع في أصل المسألة ولم نسلم ذلك، فلئن لم نسلم ما يتفرع عليه لكان أولى.
ومما يدل على فساد دعوى الاجماع أنه - رحمه الله - أيضا نقل في نتائج الأفكار (2) عبارة الشيخ في المبسوط (3) ومتابعة المتأخرين له (4)، وسننقلها في مسألة الخارج عن بلد الإقامة (5).