بإرادة الجهة والجانب، وإلا لكان ذكر الحرم متعينا.
وأما ذكر المسجد الحرام فلعله كان لمقابلة المسجد الأقصى مقابلة لشماتة الخصوم أبلغ قبال، فالمراد من الشطر الجانب والجهة، مع أنه يلزم على أرباب هذا القول لو أبقي على ظاهره ما أورد عليهم من خروج بعض الصف المستطيل عن سمت القبلة.
ومما يرد عليهم أنه لا مناص لهم عن العمل بالأمارات في النائين، ومعلوم أنها لا تفيد العلم بالمقابلة الحقيقية، وظاهرهم أنهم متفقون على ذلك، والتفرقة بين جهة الحرم وجهة الكعبة غير معلومة الجهة. وبالجملة إبقاء هذه الأخبار على ظاهرها والعمل عليها في غاية الإشكال.
وقال الشهيد - رحمه الله ونعم ما قال - إن ذكر المسجد والحرم في هذه الأخبار لعله إشارة إلى الجهة، فيرتفع الخلاف، وأن ذلك على سبيل التقريب إلى أفهام المكلفين، وإظهارا لسعة الجهة، فإن البعد كلما كان أكثر كانت الجهة أوسع (1).
ويؤيد ذلك صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام، أنه قال: (لا صلاة إلا إلى القبلة) قلت له: أين حد القبلة؟ قال: (ما بين المشرق والمغرب قبلة كله) (2) وفي معناها غيرها من الأخبار (3).
والمراد من جهة الكعبة: هو جهة الفضاء المشتغل بها من تخوم الأرض إلى أعنان السماء بلا خلاف بين العلماء، فتصح الصلاة على جبل أبي قبيس، وفي السرداب تحت الكعبة.
ويدل عليهما مضافا إلى الاجماع ظاهرا: أما الأول فروايات، منها موثقة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام، قال: سأله رجل قال: صليت فوق