إلى حال امتناع ملاكه بوجود ما يضاده أجنبي عن التصويب - بمعنى عدم الحكم المشترك بين العالم والجاهل - وليس جعل الحكم الواقعي حينئذ لغوا لاحتمال وصوله قبل موافقة الحكم الظاهري ولو بالإضافة إلى بعض افراد المكلفين.
رابعها: أن تكون المصلحتان متسانختين وتقوم مصلحة الحكم الظاهري مقام مصلحة الحكم الواقعي، وهو يقتضي الاجزاء من دون لزوم التصويب، لأنه من باب سقوط الحكم بحصول ملاكه.
هذا كله بالإضافة إلى المصالح الواقعية والظاهرية، من حيث التصويب والاجزاء.
وأما بالنسبة إلى اجتماع المصلحة والمفسدة في فعل واحد كالجمعة المحرمة واقعا الواجبة ظاهرا، فالكلام فيها مرتبط بالتصويب فقط دون الاجزاء.
ومجمل القول فيها: أن المصلحة والمفسدة وان كانتا متبائنتين الا أنهما ربما تكونان متقابلتين وجودا وربما لا تكونان كذلك.
فان كانتا متقابلتين وجودا فلا محالة تندك إحديهما في جنب الأخرى، ففي الفرض تكون الجمعة بما هي - لو خليت ونفسها - ذات مفسدة وبما هي مجهولة الحكم مثلا ذات مصلحة، كالكذب الذي - لو خلى وطبعه - يكون قبيحا وبعنوان انجاء المؤمن حسن، فلا بد من الحكم عليها هنا بالوجوب وهناك بالحسن، فلا مفسدة في حال الجهل ليكون الحكم الواقعي المنبعث عنها موجودا، فلا ثبوت للحكم بثبوت مقتضيه أيضا. وهذا الفرض يستلزم التصويب.
وان كانتا متبائنتين فقط فلا تصويب الا من حيث توهم المزاحمة في التأثير.
وبعد ما عرفت من أن الامر لا ينتهي إلى حكمين فعليين - كما فصلناه في الوجه الثاني - تعرف عدم لزوم التصويب.
وسيجئ إن شاء الله تعالى ما ينافي بعض ما ذكرناه في كلام الشيخ الأعظم قدس سره. هذا ما ينبغي أن يقال في هذا المجال من حيث التصويب والاجزاء.