بحسب اعتبار الشارع علم بالواقع واعتقاد بصدق الخبر، قلنا استكشاف مثله من قوله عليه السلام (لا تنقض اليقين) فإنه يستكشف منه أن اليقين السابق في اعتبار الشارع محقق في اللاحق، وغير منتقض بالشك اعتبارا - بل هو أولى بذلك، لظهور نقض اليقين في نقض نفسه، وإرجاع التصديق - الظاهر في اظهار صدق العادل بالعمل - إلى اعتقاد صدقه، وهو التصديق الجناني.
وثالثا - أن الأمر بالتصديق الجناني أو التصديق العملي، لا يكون كاشفا عن اعتبار كونه عالما بصدقه، حتى يكون الأمر بالتصديق إظهار لاعتبار الهوهوية بين الخبر والعلم، إذ ليس كشف شئ عن شئ واظهار شئ آخر جزافا، بل الملازمة بينهما فيظهر أحد المتلازمين بالآخر.
ومن البين أن العمل لازم اعتقاد الصادق، فله الأمر باعتقاد الصدق للانتقال إلى الامر بالعمل، وليس اعتبار الاعتقاد لازم بنفس الاعتقاد، ولا لازم نفس الأمر بالاعتقاد، أما الأول فواضح. وأما الثاني، فان مقتضى الأمر بتحصيل شئ عدم حصوله، لا حصوله حقيقة أو اعتبارا وكذا الأمر في الأمر باظهار صدقه عملا.
ومنه يتضح حال النهي عن نقض اليقين حقيقة أو عملا، ولا معنى لكونه ارشادا إلى اعتبار كون الشخص عالما ومعتقدا للصدق، إذ حقيقة الارشاد هو الانشاء بداعي إظهار اعتقاد الصدق المتعلق به البعث الانشائي حتى يكون للارشاد إليه مجال.
فاتضح أن اعتبار الهوهوية غير صحيح بحسب مقامي الثبوت والاثبات، ومع فرض التمامية يكون حال الاستصحاب حال الامارات.
ثانيها - ما عن شيخنا العلامة (رفع الله مقامه) من أن الخبر، كما يحكي عن الشئ كذلك عن لازمه وملازماته وبعبارة أخرى عن جميع مداليله المطابقية والتضمنية والالتزامية، ففي الحقيقة هناك افراد من الخبر، فيعم دليل الحجية لكل خبر، وليس للاستصحاب هذا الشأن، إذ ليس هناك عنوان الحكاية والدلالة لتعم