منهما وعدمه؟ فيتعارضان - على الأول - لمنافاتهما، للقطع بثبوت أحد الاثرين.
ولا معارضة - على الثاني - لعدم المانع من التعبد بمفاد الأصل.
وأما المعارضة بينهما - من الجهة الأولى - فحيث أن فرض الكلام في استصحاب الكلي، وفي حكومة الأصل في الفرد - على الأصل في الكلي - فلا محالة يكون للجامع أثر شرعي، ونسبة كلا الأصلين في نفي الجامع على حد سواء، ومقتضى التعبد بهما - على الفرض - التعبد بعدم الجامع، مع أن ثبوته مقطوع به.
ففيما إذا تردد أمر الحادث بين أن يكون - بولا أو منيا - يكون للجامع بينهما اثر وهو حرمة مس المصحف، ولكل منهما اثر مخصوص، وهو وجوب الغسل للحدث الأكثر، ووجوب الوضوء للحدث الأصغر، ولخصوص الحدث الأكبر اثر مخصوص لا يقابله فيه الأصغر، وهو حرمة اللبث في المسجد.
فأصالة عدم الجنابة - بالنسبة إلى عدم حرمة اللبث - لا معارض لها. وبالنسبة - إلى عدم وجوب الغسل - لها معارض وهو أصل عدم خروج البول المقتضي لوجوب الوضوء، مع أن وجوب الغسل والوضوء مقطوع به، وبالنسبة إلى عدم حرمة مس المصحف، وهو اثر الجامع بين الأكثر والأصغر - أيضا - يتعارضان للقطع بالحدث المقتضي لحرمة مس المصحف.
فان قلت: الغرض - مع عدم المعارضة بين الأصلين - هو عدم المعارضة في ظرف الشك في بقاء الكلي، وهو بعد حدوث ما يزيل أحد الفردين، وفي هذا الفرض لا مجرى إلا لأصل واحد.
قلت: أولا: إنه خلف، لأن المفروض تمامية أركان الاستصحاب في الطرفين.
وإنما لا يجري لعدم الأثر، مع أنه بعد حدوث ما يزيل أحد الفردين لا شك في عدمه فعلا: إما لانعدامه قبلا، أو لزواله فعلا.
وثانيا: مناط المعارضة حين تمامية أركان الاستصحاب، وعند وجود الحادث المردد، يكون عدم كل من الفردين في نفسه متيقينا سابقا، مشكوكا عند حدوث