طبيعة أخرى، بل زيد - بنفسه وبدنه - فرد طبيعة الانسان، غاية الامر أن طبيعي الانسان المركب من النفس والبدن، تارة يلاحظ بذاته بحيث يكون النظر مقصورا على ذاته وذاتياته، فهذه ملاحظة نفس الطبيعي الوجداني، فان صرف الشئ واحد لا يتثنى من قبل ذاته، وأخرى يلاحظ حصة من هذا الطبيعي الوجداني متعينة بتعينات الزيدية، فذات الحصة المحفوفة بتلك التعينات - لامع مجموع التعينات - هي الماهية الشخصية بتشخص ما هوى، وبلحاظ تقرر ذات الحصة في زيد المحفوف بأنحاء التعين، يكون زيد فردا لطبيعي الانسان، كما أن حصة من طبيعي البياض - المتعينة بقيامها بزيد - فرد من طبيعة الكيف المبصر وهكذا.
ومن البين أن نفس الطبيعي - بما هو - لا وجود له يختص به في نظام الوجود، بل لا يوجد إلا متعينا بأحد أنحاء التعينات لكن اللا متعين بذاته موجود في ضمن المتعين، ولذا جعل الطبيعي جزء للفرد، اي تحليلا، لانحلال الفرد إلى ذات الحصة وتعينها.
وحيث أن الوجود - أولا - وبالذات - للمتعين وثانيا وبالعرض لذات المتعين، جعل الفرد واسطة في عروض الوجود على الطبيعي.
وعليه فنقول: الطبيعي المعبر عنه بالقدر المشترك هنا، وإن كان وجوده بعين وجوده الفرد - بالمعنى المتقدم - فهو بحسب وجوده الواقعي له نحو تعين، إلا أنه ربما يكون معلوما بماله من التعين وربما يكون معلوما بذاته.
وحيث أن المفروض أن تعين الفرد الطويل، وتعين الفرد القصير هنا - بنفسه في كل منهما - مجهول والتعين المردد بين نحوي التعين لا ثبوت له واقعا كي يكون له ثبوت علما، فالمعلوم في فرض دوران الامر بين الفردين ليس إلا ذات المتعين، اي ذات الحصة وذات الطبيعي، ولا ملازمة - بوجه - بين كون ذات المتعين معلوما وكون تعينه أيضا معلوما وبعد زوال أحد التعينين يكون بقاء ذات المتعين وارتفاعه مشكوكا، لاحتمال كونه تعينه هو التعين الباقي أو هو التعين الزائل وارتفاع الفرد لا يقتضي الا ارتفاع الحصة المتعينة به، وهي غير معلومة،