لو وضعه على الطعام إذا بقي متميزا، بخلاف ما لو حلف أن يأكل لبنا فأكل جبنا أو زبدا يحنث لأن كل واحد من السمن والزبد والجبن واللبن أصناف مختلفة اسما وصفة وإن كان بعضها في الأصل راجعا إلى بعض، ولا إشكال في عدم صدقه بأكل اللبن والجبن، لكن في حنثه بأكل الزبد خلاف، ففيه وجهان، أصحهما أنه لا يحنث أيضا لتفاوتهما في الأسماء والصفات.
ووجه الحنث به أن الزبد سمن لاشتماله عليه، بخلاف العكس، لأن الزبد عبارة عن مجموع السمن وباقي المخيض، ولا فرق في السمن بين أن يأكله جامدا أو ذائبا مع الخبز ومنفردا على الطعام فإنه لا يحنث لعدم دخول الأكل في الشرب مع احتماله أيضا نظرا إلى العرف، لكنه بعيد، لأن انضباط العرف ممنوع. فكذا لا يحنث بحلفه على أكل الزبد بالسمن ولا باللبن بطريق أولى، وبالعكس لاختلاف الاسم والوصف لغة وعرفا، ويدخل في اللبن الحليب والرائب منه واللبأ والمخيض من الأنعام والصيد، إلا أن يخص العرف بعضها.
الحادية عشرة: لو قال: لا أكلت من هذه الحنطة فطحنها دقيقا أو سويقا لم يتحقق الحنث، وكذا لو حلف أن لا يأكل الدقيق فخبزه وأكله، وهذا مما تعارض فيه الاسم والإشارة، فإن هذه تقتضي تعلق اليمين بها ما دامت موجودة وإن تغيرت، وتقييدها بالحنطة والدقيق ونحو هما يقتضي زوال اليمين بزوال القيد.
وفي بقاء الحنث مع التغيير المذكور وجهان:
أجودهما - وهو الذي قطع به المحقق في الشرائع حتى أنه لم يذكر غيره وقبله الشيخ في المبسوط - وزواله لأن اسم الحنطة قد أزاله الطحن وصورته قد تغيرت، فصار كما لو زرع فنبت فأكلها حشيشا، أو قال: لا آكل من هذا البيض فصار فرخا فأكله.