وفي هذه الأخبار دلالة كما ترى على أن سائر الكفارات لا يكفي (1) فيها الاسلام بالتبعية بخلاف القتل، فلا بد من الايمان بالأصالة وهو ما تحقق معه التكليف والبلوغ.
والذي يدل على تحقق الاسلام بالتبعية لأبويه أو أحدهما أنه يقتل به المسلم، ولا فرق في تبعيته لهما بين كونهما حين يولد وبعده، ولا بين موته قبل أن يبلغ ويعرب عن الاسلام وبعده عندنا.
وللعامة في هذا المقام اختلاف، وقد عمل الإسكافي بما قلناه من اشتراط البلوغ والايمان في كفارة القتل، وهو قول متعين لهذه الأخبار المذكورة.
وبهذا يظهر لك ما في المسالك بعد نقله لكلام الإسكافي حيث قال: وهو قول موجه. إلا أن المختار الأول للحوق أحكام الايمان به وحصول الارتداد بعد البلوغ ولو لم يسبق تلفظه بالشهادة بعد البلوغ فيكون حقيقة، ولقوله تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ) (2) بمعنى ألحقنا بهم ذرياتهم في الايمان، فدل على أنهم مؤمنون ولدخوله في الوصية للمؤمنين. ولولا الحقيقة لما دخل من القصور لأن هذه الأدلة لا تخلو من شئ كما اعترف به، ولأنها على تقدير تمامها لا تعارض تلك الروايات الدالة على اشتراط البلوغ بالفعل مجامعا للايمان. نعم لا يجري الحمل وإن كان أبواه مسلمين وإن كان بحكم المسلم. ولا يكفي في ذلك لو انفصل حيا، فلا يجزي فيه العتق إلا بعد الولادة لأن الحمل لا تلحقه أحكام الأحياء شرعا ومن ثم لا تجب فطرته.
ويصح إسلام الأخرس بالإشارة المفهمة كما تصح عقوده بها، فإذا كان أبواه كافرين فأسلم بالإشارة المفهمة حكم بإسلامه وأجزأ عتقه.