إباحة أكل إلا ما علم تحريمه بالحلف، فما لم يعلم كان باقيا على أصل الحل، وهكذا القول في نظائره من الأعداد المشتبهة بغيرها المخالف لها في الحكم فإنه يعمل فيه بالأصل من حل وحرمة ونجاسة وطهارة. هذا من حيث الحنث وعدمه.
وهل حل التناول لازم لعدم الحنث؟ المشهور بين علمائنا ذلك - وهو الذي اختاره المحقق في الشرايع، واستقرب العلامة في كثير من كتبه - وجوب اجتناب المحصور الذي لا يشق تركه لأنه احتراز عن الضرر المطلوب ولا حرج فيه، وتؤيده الأخبار المانعة من إباحة أكل الحلال والحرام المختلطين إذا كان محصورا وهي كثيرة جدا، فتورث هذا القول قوة.
ولو فرض تلف تمرة لم يحنث بأكل الباقي كما سمعت كما لو أبقى تمرة وكذلك لاحتمال كون التالفة هي المحلوف عليها فيستمسك في الباقي لأصل الحل، وقد وقع للمحقق وكثير من علمائنا التمثيل بعدم الحنث بإبقاء تمرة، والأولى التمثيل بإبقاء بعض تمرة للتنبيه على أن من حلف لا يأكل تمرة لا يحنث بأكل بعضها.
وكذا لو حلف لا يأكل رمانة أو رغيفا ونحو ذلك، وإنما بتحقق الحنث باستيعاب الجميع لأن البعض لا يصدق عليه اسم المحلوف عليه، والحكم هنا كما سبق في اقتضائه الجميع فلا يبر إلا به.
وفي استثناء ما يبقى من فتات الرغيف التي جرت العادة بترك الناس له ولا يتكلفون التقاطه وجهان، والأقوى في ذلك اتباع العرف. ولو قال: لا كلن هذه الرمانة فترك حبة منها لم يبرأ. لا آكلها فترك حبة لم يحنث مع احتماله كما سبق.
الرابعة: إذا حلف أن يأكل هذا الطعام غدا فأكله اليوم حنث لتحقق المخالفة ويلزمه الكفارة معجلا، وكذلك لو هلك الطعام قبل الغد أو في الغد بشئ من جهته، ولو هلك من غير جهته لم يكفر وذلك لأن متعلق الحلف أكله