المعنى، إلا أن الحقيقة لم تكن مهجورة أصلا، لأن من باشر البناء يقال: إنه بنى أيضا بطريق أولى، ويدل عليه أخبار من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة، فإنه يقال عليهما سواء صدر بالمباشرة أو بالأمر، فيجب على الحالف عليه إيجابا أو سلبا اعتباره بالأمرين.
وأما نحو البيع والشراء فالحقيقة اللغوية فيه باقية بلا معارض، وإن أسند إلى غير الفاعل فهو قليل لا يخرج عن أصل المجازية، ويترتب على ذلك أن الحالف على البيع والشراء نفيا وإثباتا يحمل على مباشرته ذلك، فلا حنث بالتوكيل، كما لا يبرأ به في جانب الاثبات، والحالف على البناء يحنث بمباشرته قطعا.
أما حنثه بالأمر به ففيه الوجهان، وقد استوجه المحقق فيه والعلامة عدم الحنث عملا بالحقيقة كما قلناه واستصحاب حكمها. وذهب جماعة إلى الحنث به لغلبة الاستعمال في العرف، وفيه قوة.
ومثله حلف السلطان ونحوه كما قلناه لرفعه عن مباشرة الفعل فإنه يحنث بمباشرته قطعا، وفي أمره الوجهان، وحكم المحقق - رحمه الله - فيهما بالاتحاد والبناء على الحقيقة، وهذا المسألة مفروضة فيما إذا أطلق ولم ينو شيئا. أما إذا نوى أن لا يفعل ولا يفعل بإذنه أو لا يفعل ولا يأمر به فلا خلاف في الحنث حيث يأمر غيره به. هكذا أطلق جماعة وربما أشكل من حيث أن اللفظ مقتض لفعله بنفسه حيث هو الحقيقة، واستعماله في المعنى الآخر مجاز، ويلزم من ذلك استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز جميعا، وهو غير مرضي عند أكثر الأصوليين. وطريق التخلص إن أكثر الاستعمال لذلك مجاز وهو استعمال صحيح في ناوي اليمين مع قصده كما هو المفروض.
ويجوز أن يؤخذ بمعنى مشترك بين الحقيقة والمجاز، فيقال: إذا نوى أن