إما مطلقا أو على بعض الوجوه لا ينعقد النذر بكونه وصفا مرجوحا فلا يكون متعلق النذر، وقد تقدم البحث فيه.
وإذا تقرر ذلك فيتفرع على لزوم المشي مسائل:
أحدها: في بدأته، فإن صرح بالتزام المشي من دويرة أهله إلى الفراغ من العرف عليه، فإن من قال: حججت ماشيا أو حج فلان ماشيا فلا يفهم منه عرفا إلا مشيه في جميع الطريق والعرف محكم في مثل ذلك. وأيضا فالحج هو القصد إلى مكة ومشاعرها إلى آخره، وهو أنسب بالمعنى اللغوي، فإن الأصل عدم النقل. ومع تسليمه فالنقل بمناسبة أولى منه بدونها والقصد متحقق من البلد.
(والقول الثاني) أنه من الميقات، وذلك لأن قوله (ماشيا) وقع حالا من الحج لأن ذلك هو المفهوم منه شرعا، فلا يجب الوصف المذكور إلا حالة الحج والاشتغال بأفعاله لأن ذلك هو مقتضى الوصف كما إذا قال: ضربت زيدا راكبا، فإنه لا يفهم منه إلا ضربه حالة الركوب لا قبله ولا بعده، والأظهر الأول، وعليه دلت المعتبرة المستفيضة وقد مر ذكرها في كتاب الحج (1).
وعليه فهل المعتبر في ذلك بلده أو بلد النذر؟ قولان: من أن الالتزام المذكور وقع في بلد النذر فكان ذلك كالاستطاعة من بلده، ومن أن المتبادر عرفا من الحج ماشيا كونه من بلده، وربما قيل: يعتبر أقرب البلدين إلى الميقات، وهو حسن لولا دلالة النصوص على ما ذكرناه، وموضع البحث والاشكال ما إذا لم يقصد شيئا بخصوصه.