لزم صدوره بغير نية وقد قال صلى الله وعليه وآله (إنما الأعمال بالنيات). ويتفرع على ذلك لزوم العوض للأمر أو العبد، فحكم به الشيخ - رحمه الله - تفريعا على القول بصحة العتق المطلق لأنه قد فعل ما أمره به فاستحق العوض مثل غيره من الأعمال واستجوده المحقق - رحمه الله - وأورد عليه العلامة في المختلف أن الحكم بلزوم العوض وعدم إجزائه عن الكفارة مما لا يجمعان.
والثاني ثابت بالاجماع فيلزم انتفاء الأول، وبيانه أن الجعل إنما بدل من العتق في الكفارة لا عن مطلق العتق وهو لم يقع فلا يلزم العوض.
وأجاب عن ذلك السيد عميد الدين بأنا لا نسلم عدم اجتماعهما لأنه جعل له العوض عن الكفارة وقد امتثل وفعل ولم يجعل له العوض عن الاجزاء عن الكفارة لأن الاجزاء حكم شرعي ليس فعلا للمكلف حتى يصح الجعل عليه.
وأورد عليه أول الشهيدين - رحمهما الله - بأن الجاعل على فعل شرعي جعالة كالحج مثلا إنما أراد الصحيح الذي له صلاحية الاجزاء بفراغ ذمة المكلف من العهدة لأنه المتبادر من اللفظ حقيقة، ولم يطلب صورته التي هي أعم من الصحيح أو الفاسد فيكون الجاعل عن الكفارة كذلك، فهو إنما جعل على عتق مجز عن الكفارة حمل اللفظ على حقيقة، وصرف له عن المجاز وهو الحمل على صورة المجردة سواء أجزأت أو لم تجز، وحيث لم يوجد ما طلبه لم يستحق شيئا.
وأجاب السيد عميد الدين بأن الحقيقة وإن كانت مطلوبة إلا أن هذا الموضوع تمتنع فيه الحقيقة لأن وقوع العتق عن الكفارة محال فكان طالبا للمحال فيجب حمل لفظه على الصورة لا وقوع العتق القرينة، والمجاز يصار إليه عندها بالاتفاق.
و رده الشهيد - رحمه الله - بأن المقتضي للمجاز هنا تحصيل حكم شرعي لئلا تخرج أفعال المكلف عن الشرع، والبطلان وعدم صحة الجعالة على شئ لا يستحق أفعال المكلف إلا بفعل مقتضي الجعالة بجميع أوصافها، وخروج هذا الفرع عن القاعدة لا وجه له.