حقيقة لذكره في العقود لا في الايقاعات، ومع ذلك فالجانب الآخر محتمل لأنه قد ذكر في قسم الايقاعات ما هو عقد قطعا كالكتابة، لكنه معذور في ذلك الاستطراد ذكرها مع العتق والتدبير، وهما إيقاع جزما، والعادة بين فقهائنا ذكر هذه الثلاثة في محل واحد فجرى على ذلك هو وغيره.
وتظهر الفائدة فيما لو فعل للعامل بغير قصد العوض ولا قصد التبرع بعد الايجاب، فعلى الأول يستحق العوض لوجود المقتضي له وهو الايجاب مع العمل وعلى الثاني لا وإن كان قد عمل، لأن المعتبر من القبول الفعلي ليس هو مجرد الفعل بل لا بد معه من انضمام الرضا والرغبة فيه لأجله كما نبه عليه في كتاب الوكالة.
واستقرب الشهيد في الدروس استحقاق العوض لو رد، بل لم يسمع الصيغة بقصد العوض إذا كانت الصيغة مشتملة، وهذا وإن كان محتملا للأمرين إلا أنه بالأول أشبه، لأن قصد العوض ممن لم يسمع الايجاب لا يعد عندهم قبولا مطلقا وإنما فائدة قصد العوض فيه الاحتراز عما لو قصد التبرع، فإنه لا يستحق شيئا وإن سمع الصيغة، لكن يبقى ما لو خلا عن الأمرين ففعل لا بقصد التبرع ولا بقصد العوض والذي يناسب الاكتفاء بالايجاب استحقاقه هنا لوجود المقتضي له، وفي هذا المطلب مسائل:
الأولى: تصح الجعالة على كل مقصود محلل عند الشارع. والمراد بكونه مقصودا كونه ملحوظا في نظر العقلاء كالخياطة ورد الآبق والضالة ونحو ذلك واحترر عما يجعل على فعل مجرد العبث كنزف البئر حيث لا غرض فيه وكالذهاب في طريق خطر بغير غاية مقصودة للعقلاء ونحو ذلك.
والمراد بالمحلل هو الجائز بالمعنى الأعم فيدخل المباح والمندوب والمكروه ويخرج الواجب التي لا تصح النيابة فيه فلا تصح الجعالة كما لا تصح الإجارة.