حصل له ما نواه أم لا، منعنا من تعذر نية القربة من مطلق الكافر لأن من اعترف منهم بالله تعالى وكان كفره بجحود نبوة النبي صلى الله وعليه وآله أو غيره من الأنبياء أو بعض شرائع الاسلام يمكن منه هذا النوع من التقرب. وإنما يمنع من الذي لا يقر بوجود الله تعالى كالدهري وبعض عبدة الأصنام وإن أراد بها إيقاعه على وجه التقرب إلى الله تعالى بحيث يستحق بها الثواب طالبناه بدليل على اشتراط مثل ذلك وعارضناه بعبادة المخالفين وعتقهم لأنهم من فرق المسلمين وأنهم لا يستحقون الثواب عندنا مع صحة عتقهم وفي صحة عبادتهم، بحيث قد قرر في محله.
وبالجملة: فكلامهم في هذا المقام مضطرب لا يمكن فيه الالتئام غير منقح للمرام، لكونهم تارة يحكمون ببطلان عبادة الكافر مطلقا ويستندون إلى تعذر القربة ومقتضى ذلك إرادتهم المعنى الثاني لأن ذلك هو المتعذر منه لا الأول وتارة يجوزون منه بعض العبادات كالعتق فإنه يجوز عند جماعة عند جماعة من الأصحاب مع اشتراطهم القربة نظرا إلى ما ذكرناه من الوجه في الأول، وقد وقع الخلاف بينهم في وقفه وصدقاته وعتقه المتبرع به ونحو ذلك من التصرفات المالية مما اعتبروا فيها القربة مع أنهم اتفقوا على عدم صحة العبادات البدنية منه، نظرا إلى أن المال يراعى فيه جانب المدفوع إليه ولو بفك الرقبة من الرق فيرجح فيه جانب القربات بخلاف العبادات البدنية، ومن ثم ذهب بعض المخالفين إلى عدم اشتراط النية في العتق والاطعام واعتبروها في الصيام، إلا أن هذا الاعتبار غير منضبط عند الأصحاب كما ذكرناه فيما سبق.
وأما ما ذهب إليه بعض المخالفين من أن الكافر مطلقا لا يعرف الله على الوجه المعتبر ولو عرفه لأقر بجميع رسله ودين الاسلام فهو كلام بعيد عن التحقيق جدا، إذ لا ملازمة بين الأمرين كما لا ملازمة بين معرفة المسلم لله تعالى ومعرفة دين الحق من فرق الاسلام لأن كل حزب بما لديهم فرحون.
المسألة الثامنة: تعتبر نية التعيين إذا اجتمعت أجناس مختلفة على الأقوى