السادسة: لا يستحق العامل الأجرة إلا إذا بذلها الجاعل أولا ثم حصلت بيد العامل تلك الضالة، فلو حصلت الضالة في يد إنسان قبل الجعالة أو عمل غيرها من الأعمال كان كالمتبرع بعمله، فلا يستحق عليه أجرة لما مضى لذلك ولا التسليم لوجوبه عليه إما بالرد أو إعلام المالك بحالها أو التخلية بينه وبينها.
وفصل العلامة في التذكرة تفصيلا حسنا فقال: إذا رده من كل المال بيده قبل الجعالة فإن كان في رده زيادة كلفة ومؤونة كالعبد الآبق استحق الجعل، وإن لم يكن كذلك كالدراهم والدنانير فلا استحقاق لشئ منه لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بالعوض.
وكذا لو سمي في التحصيل تبرعا سواء حصل قبل الجعل أو بعده، حيث إن العامل إنما نوى التبرع إما لكونه لم يسمع الجعالة أو لكونه سمعها ولكن قصد عدم العوض بسعيه، فإنه لا شئ له على التقديرين، وإنما المعتبر مع الجعالة عمله بنية الأجرة أو مطلقا على ما يأتي في هذا القسم.
المطلب الثاني في ما تفرع من الفروع والأحكام بعد تحقق الجعالة وفيه مسائل:
الأولى: إذا بذلك المالك جعلا فإن عينه فعليه تسليمه بعينه مع الرد، وإن لم يعينه لزمه مع الرد أجرة المثل، وذلك لأن المالك عند تعيينه الجعل بأن يصفه بما يرفع الجهالة كقوله: من رد عبدي فله دينار فلا يلزمه سواه، أما إذا أطلق العوض مع التعرض لذكره كقوله: من رد علي عبدي فله علي أجرة أو عوض ونحو ذلك لزمه أجرة المثل إما لفساد العقد أو بدونه على ما مر تحقيقه إلا في موضع واحد وسيأتي بيانه واستثناؤه، وإن استدعى الرد من غير أن يتعرض للأجرة أو لا فليس سوى الأجرة أيضا. والمسألة المستثناة هي رد الآبق كذلك