ويبطل النذر فيما تضره الصدقة بعينه إذا الضرر بتقويمه، ولا صدقة بالقيمة.
لكن قد بقي الكلام فيما هو خارج عن النص كما لو نذر الصدقة ببعضه وكان الأولى خلافه والضرر يندفع بتقويمه، فهل يعمل به كما تضمنته الرواية في الكل؟ أم يقع باطلا؟ قولان: من مشاركته للمنصوص في المقتضي، وكون كل فرد من أفراد ماله على تقدير نذر الجميع منذور الصدقة، ولم ينظر إلى آحاده وإنما نظر إلى المجموع، ونظر فيه إلى التقويم. ومن خروجه عن الأصل والقاعدة، فيقتصر فيه على مورده ولا يلزم من الجميع الحكم في الابعاض لأنهما متغايران، وهذا أجود.
وأما ما قيل من الاشكال على انعقاد هذا النذر من حيث إن الصدقة بجميع المال مكروهة كما بين في بابه والقاعدة المقررة في المكروه أن لا ينعقد نذره وقد قال صلى الله عليه وآله في المستفيضة (1) (خير الصدقة ما أبقت غنى). وأن قوله (إنه يتصدق بجميع ما يملكه) وقع فيه الفعل بصيغة المستقبل، فيشمل المتجدد أيضا، ولا يلزمه منه كون الضرر (2) وعدم التخلص منه بالتقويم، لأن التقويم ظاهر فيما يملكه حال النذر والصيغة لا تدل عليه، وأن العدول إلى التقويم إنما هو لدفع الضرر وعدم التخلص منه بالتقويم وهو ينافي انعقاد النذر، فيرجع الفرع إلى أصله بالابطال.
فيمكن الجواب عنه بأن المكروه هنا من مكروهات العبادة، والرجحان معها متحقق، وإنما غايتها نقصان ثوابها عن غير المكروه، فلا ينافي انعقاد نذره لأنه عبادة راجحة في الجملة. وأما صيغة (يملكه) فهي صيغة المضارع المجرد مما يدل على الاستقبال: فيصلح للحال والاستقبال، فهي مشتركة بينهما على الأصح، والمشترك مما لا يصح استعماله في معنييه معا على سبيل الحقيقة، وإنما يستعمل في أحدهما بالقرينة، وهي هنا موجودة دالة على إرادة الحال، بل صريحة فيه بدليل التقويم