ويضعف بأنه لا يلزم من سببية بعض الأوقات بنص الشارع مزية في بعض الصلوات سببية الوقت الذي يعينه الناذر، فإن هذا الوقت الذي يعينه بالنذر لا سببية له متعلقة بوجوب المنذور قط، وإنما سببية النذر، والزمان والمكان أمران عارضان ومطلقهما من ضرورة الفعل ومعينهما بتعيين الناذر، فأي رابطة لسببية الوقت بالصلاة الواجبة بالأصل وبين الوقت الذي هو بتعيين الناذر؟
وأجيب عن هذا الايراد بأن السببية في الوقت حاصلة على كل تقدير وإن كان ذلك بالنذر، لأنا لا نعني بالسببية إلا توجه الخطاب إلى المكلف عند حصول الوقت، وهو حاصل هنا، ولا يتصور مثل ذلك في المكان إلا تبعا للزمان.
وتنظر فيه ثاني الشهيدين في المسالك بأن الوقت المعين بالنذر إذا كان مطلقا كيوم الجمعة مثلا فتوجه الخطاب إلى الناذر بالفعل عند دخول الجمعة ليس على وجه التعيين بالأمر فيه كالنذر المطلق بالنسبة إلى العمر، غايته أن هذا مختص بالجمع الواقعة في العمر، فتوجه الخطاب فيه على حد توجهه على تقدير تعيين المكان من دون الزمان، بل هذا أقوى حيث إن الخطاب متوجه إليه بسبب ما أوقعه من صيغة النذر في أن يؤدي الفعل في ذلك المكان ويسعى في تحصيله لقدرته عليه في كل وقت بحسب ذاته وإن امتنع بعارض على بعض الوجوه، بخلاف الزمان فإنه لا قدرة له على تحصيله مع اشتراكهما في أصل تقييد العبادة المنذورة بهما، فيجب تحصيلها على الوجه الذي عينه عملا بعموم الأوامر الدالة على وجوب الوفاء بالنذر على وجهه، إذ العبادة الخارجة قيدها غير منذور وإنما المنذور العبادة في ضمن القيد.
وإذا تقرر ذلك، فإن قلنا بتعيين ذي المزية خاصة لم يصح له العدول إلى ما دونه ولا إلى مساويه، وهل ينعقد بالنسبة إلى ما فوقه؟ فيه وجهان، فقيل:
نعم، لأنه مأمور بإيقاعها فيه، والأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، والحصولان متضادان لتضاد الأكوان، والنهي في العبادة مفسد. وقيل: لا، فيجوز العدول إلى