أن يخبر بما في ذمته على ما هو ثابت في الذمة، وقد يشتري الانسان ولا يقبض المبيع فكان له أن يخبر بذلك، ولو ألزم بغير ما أقر به كان ذلك ذريعة إلى سد باب الاقرار، وهو مناف لحكمة الشارع.
والقول الثاني: ما اختاره ابن إدريس من عدم القبول فتلزم الألف لأنه أتى بالمسقط بعد الاعتراف، ولقائل أن يقول:: إنا لا نسلم أنه قد أتى بالمسقط بعد الاعتراف فإن ذلك لا ينافي وجوب الألف وثبوتها في الذمة، وينافي استحقاق المطالبة بها الآن فهو بمنزلة من لو أقر بألف مؤجلة.
والتحقيق: أن ذلك وإن لم يكن مسقط لكنه في حكم المسقط، فإن استحقاق الألف والوصول إليها إنما يكون ببذل ما زعمه مسقط من أموال المقر له، ففي الحقيقة كأنه لم يقر له بشئ، فقول ابن إدريس لا يخلو من قوة.
ولبعض الفضلاء هنا تحقيق أنيق قد ذكره خاتمة لهذه المباحث وهو: أن المؤاخذ بهذا الاقرار ونظائره من المواضع المختلف فيها هل هو كل مقر سواء كان ممن له أهلية الاجتهاد أم لا؟ معتقد قول مثل ذلك أم لا؟ يقال: إن من اعتقد قول مثل ذلك وعلم ذلك من مذهبه يعامل بمعتقده الذي يقتضيه النظر أنه يلزم بمعتقد الحاكم كائنا ما كان.
ومثله ما لو قال: من ثمن مبيع فاسد لم أقبضه، لأن فساد البيع يقتضي عدم ثبوت الثمن، ولا دخل للقبض وعدمه. ولو عقبه بقوله: له علي ألف لا يلزم لزمه لأن الاقرار يقتضي اللزوم، فقوله (لا يلزم) لا يسمع لمنافاته الاقرار، ويحتمل القبول لأن يكون له عليه ثمن مبيع غير لازم أو من هبة له الرجوع فيها. ويضعف بأن ذلك في حكم المسقط.
ولو قال: له علي ألف من ثمن مبيع ثم سكت ثم قال: لم أقبضه احتمل القبول إن سمع الاتصال أو التصديق واللزوم، وهذه صورة ثالثة من صور تفسير المقر به لكونه من مبيع، واحتمال القبول هنا إنما يتم إذا قلنا بالقبول في