الثالث: التعقيب بما يدل على عدم إلزامه من الكلام الصريح أو الظاهر كما لو قال: له علي ألف وقبضته إياها أو قبضت منها خمسمائة لم يقبل قوله في القضاء إلا ببينة، وإنما لم يقبل قوله لأنه مدع للقسط بعد الثبوت بالاقرار فلم يكن بد من البينة.
ولو قال: أخذت منه ألف درهم من ديني أو من وديعة عنده فأنكر المقر له السبب وادعى التمليك حكم للمقر له بعد الحلف، وذلك في ما لو وصل المقر بإقراره هذه الجملة مما يقتضي سقوطه بأن قال ذلك المثال فأنكر المقر له السبب وهو ثبوت دين أو وديعة عنده للمقر وادعي كون المأخوذ على ملكه حكم له به ولم يسمع دعوى المقر مجردة من دين أو وديعة لكن بعد احلاف المقر له على نفي دعوى المقر، لأن الاقرار لا يسقط بمجرد دعوى المسقط.
ولو قال: له علي ألف من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع هلك قبل قبضه ولم أقبضه أو من ثمن مبيع فاسد لم أقبضه أو ضمنت به لزمه في هذه الصور كلها الألف ولم يقبل قوله في المسقط، وهذه الصور كلها قد اشتملت على وصل الاقرار بما يقتضي السقوط، فإن الخمر والخنزير في شرع الاسلام لم يملك ولم يكن لهما ثمن، وامتنع أن يقابل بمال، فإذا وصل المسلم إقراره بألف بكونها من ثمن أحدهما اقتضى ذلك سقوط الاقرار فلم يلتفت إلى المسقط، لأن الانكار بعد الاقرار لم يلتفت إليه. ومثله قوله (من ثمن مبيع هلك قبل قبضه) لأن هلاكه قبل القبض يقتضي بطلان البيع وسقوط الثمن كما تقرر في البيوع.
وللأصحاب في قبول ذلك في ما لو قال: أنا لم أقبضه فإنه يقتضي عدم استحقاق المطالبة بالثمن من ثبوته في الذمة قولان:
أحدهما: القبول: واختاره الشيخ، لأن قوله (لم أقبضه) لا ينافي إقراره الأول، لأنه قد يكون عليه ألف درهم من ثمن مبيع ولا يجب عليه التسليم قبل قبض المبيع، ولأن الأصل عدم القبض والأصل براءة الذمة.
وقال العلامة في المختلف: إن هذا ليس بعيدا من الصواب لأن للانسان