للتمرين كسائر العبارات المفروضة، لأن الخطابات المتضمنة للأحكام الخمسة إنما تتوجه للمكلف بالاتفاق لرفع القلم عن هذين.
وأما ما جاء في نذر الحسن والحسين عليهما السلام بالصوم ثلاثة أيام حيث مرضا فليس جاريا إلا للتمرين بظاهر الشريعة، وإن كان في الحقيقة أنهم كاملون الكمال الحقيقي الزائد على كمال كل كامل، فلا يجوز الاستدلال به على التزام النذر إذا صدر من غير البالغ، وكذلك سائر أفعالهم المتوقفة على البلوغ بظاهر الشرع بهذه المنزلة. وهذه صورة بعض الأخبار الواردة في نذرهما عليهما السلام كما في كتاب المجالس للصدوق بسندين أحدهما عن ابن عباس (1) والآخر عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في قوله تعالى (يوفون بالنذر) قال: مرض الحسن والحسين عليهما السلام وهما صبيان صغيران، فعادها رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه رجلان، فقال أحدهما:
يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن عافاهما الله، وفقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل، وكذلك قالت فاطمة عليهما السلام، وكذلك قال الحسنان عليهما السلام وكذلك جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية فأصبحوا صياما... إلى آخر القصة وليس فيها تصريح بسوى المشروعية منهما، ولا شك في انعقاده تمرينا فيكون البلوغ والعقل وفي الصبي شرطين في اللزوم ودون الصحة.
الثاني: في اشتراط الاسلام، فلا يصح نذر الكافر لأنه ليس من أهل التقرب وقد ذكر غير واحد من الأصحاب أنه يستحب له إذا أسلم الوفاء بما نذره حال كفره لما روي (2) (أن عمر قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: إني كنت نذرت اعتكاف ليلة في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أوف بنذرك. ولأنه لا يحسن أن يترك بسبب الاسلام ما عزم عليه في الكفر من خصال الخير. وفي هذا الاستدلال نظر لأن الخبر عامي والتعليل عليل، واكتفاؤهم في دليل السنن بمثل ذلك من أبعد البعيد،