(أحدهما) أنه ينزل على واجب من جنسه لأن المنذور واجب فيجعل كالواجب ابتداء من جهة التبرع لقرب الواجب من الواجب.
(والثاني) ينزل على الجائز من جنسه لأن لفظ الناذر اقتضى التزام الجائز لا الواجب، فلا معنى لالتزامه ما لم يتناوله لفظه، ولعل هذا أظهر وعليه تتفرع مسائل كثيرة، منها المسألة المذكورة، فإن نزلناه على الوجوب انتفى انعقاد نذر يوم قدومه بعد الزوال قطعا لأن الواجب لا ينعقد حينئذ مطلقا، وقبل الزوال يتجه الانعقاد لأن الواجب قد ينعقد حينئذ فيما لو أصبح غير ناو للصوم ثم نوى القضاء عن شهر رمضان قبل أن يتناول، فإن الأقوى صحة صومه حينئذ فليكن في النذر كذلك.
وأما إذا قلنا بعدم صحة الصوم عن الواجب لاشتراط تبييت النية ليلا لم يصح النذر لعدم صحة الواجب في أثناء النهار، وإن حملناه على ما يصح من جنسه صح في الحالين، وأن الصوم المندوب ينعقد في أثناء النهار مطلقا، على ما مر تحقيقه في بابه على المذهب المشهور من عدم صحة تجديده بعد الزوال مطلقا ما ينعقد النذر ولو قدم بعده مطلقا على ما مر تحقيقه.
وإنما يبقى الكلام فيما لو قدم قبل الزوال، فإن كان قد ألحقناه بما يصح وإن كان مندوبا صح، وإن ألحقناه بالواجب وقلنا بصحته صح أيضا، وإلا فلا.
وعلى تقدير الصحة لو علم ليلا قدومه نهارا لقرائن أو جبت له ذلك جاز له نيته ليلا، لكن في وجوبه نظر لوجهين: أحدهما أن العلم العادي الذي بنيت عليه أحكام كثيرة شرعا حاصل، والآخر جواز تخلفه، والأوجه الوجوب في النية ليلا وإن علم مجيؤه بعد الزوال لأن المنذور مجموع اليوم الذي يقدم فيه وهو متحقق بقدومه في جزء من النهار، بل يمكن صرف مجموعه إلى النذر بسبب العلم السابق