أما لو أكره على الاقرار بمائة فأقر بمائتين فموضع خلاف، والأقوى نفوذه لأن عدوله إلى أكثر مما وقع الاكراه عليه دليل صدوره باختياره، وهو اختيار العلامة في التذكرة، بخلاف ما لو أقر بأقل - خمسين - فإن الاكراه على الاقرار بعدد يقتضي شمول الاكراه لما دونه، ولأن الظاهر إنما أراد به دفع عادية المكره، ومعلوم أنه متى أمكنه دفعه بالأقل لم يقر بما فوقه.
ولو أكره على أداء مال فباع شيئا من ماله ليؤديه صح البيع مع عدم حصر الأداء في مال بعينه، وهذا صحيح لأنه حينئذ مكره على بيع ذلك المال ولا يصح ويمكن أن يكون المراد به صحته حيث لا يكون سبب الأداء بحسب الواقع منحصرا في مال بعينه بأن لا يكون عنده ما يؤدي المال من ثمنه إلا شئ واحد، فإنه حينئذ يكون مكرها على البيع. وهذا الذي حكاه شيخنا الشهيد في حواشيه عن العلامة قطب الدين شارح المطالع ناقلا له عن العلامة.
وفيه نظر، لأن البيع المذكور مقصود إليه واقع بالاختيار ليدفع به أداء المكره كما لو دعته ضرورة أخرى إلى بيع ما لا يريد بيعه، وإنما حمل عليه محض الضرورة، ولأن انحصار سبب الأداء في بيع المال الواحد من الأمور النادرة، ولأنه لو عد ذلك إكراها شرعيا لأدى إلى أن (لا) يرغب أحد في الشراء من المالك على أداء مال فينسد عليه باب الخلاص وذلك ضرره عليه عظيم. والذي يقتضيه النظر أن الاكراه على أمر الكلي لا يعد إكراها على شئ من الجزئيات سواء تعددت بحسب الواقع أولم يوجد منها إلا فرد واحد، إذ لا يدل الاكراه على الكلي على الاكراه على الجزئي بشئ من الدلالات وإن حصول المكره عليه بحسب الواقع على حصول شئ منها.
ولو ادعى الاكراه حالة الاقرار لم يقبل منه إلا بالبينة العادلة لأن الأصل في الاقرار الصحة والحكم بلزومه من وقت صدوره، فالبطلان غير متحقق حتى