المسألة الثانية: قد تقدم في أحكام الصوم وكفارات إفطاره أن المشهور بين الأصحاب رواية وفتوى أن كفارة المفطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال مرتبة، وهي إطعام عشرة مساكين. فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعات.
وقد دل عليه من الأدلة رواية بريد العجلي (1) عن الباقر عليه السلام (في رجل أتى أهله في يوم يقضيه عن شهر رمضان قبل الزوال، قال: لا شئ عليه إلا يوما مكان يوم، وإن أتى أهله بعد زوال الشمس فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يقدر صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة ما صنع).
قال الصدوق في فقيهه (2) عقيب ذكر هذه الرواية: وقد روي أنه إن أفطر قبل الزوال فلا شئ عليه، وإن أفطر بعد الزوال فعليه الكفارة، مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان. وهذا يدل على أن اختياره واختيار المشهور سواء.
وفي المقنع (3) عكس الحال، فجعل المشهور رواية والثاني فتوى فقال: وإذا قضيت صوم شهر رمضان كنت بالخيار في الافطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان. وروي أن عليه إذا أفطر بعد الزوال إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من طعام، فإن لم يقدر عليه صام يوما بدل يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما فعل.
في طريق الرواية الأولى ما هو مجهول وهو الحارث بن محمد، والرواية الثانية الدالة على أنها كفارة شهر رمضان من الموثق قد رواها زرارة (4) عن الباقر عليه السلام (قال: سألته عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتي النساء، قال: عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في رمضان ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان).