قبل التلبس فلا شئ للعامل، إذ ليس هناك عمل يقابل بعوض سواء كان الفسخ من قبله أم من قبل المالك، وإن كان بعد التلبس وكان الفسخ من العامل فلا شئ له لأن المالك إنما جعل له العوض في مقابلة مجموع العمل من حيث هو مجموع فلا يستحق على إبعاضه ولأن غرض المالك لم يحصل وقد أسقط العامل حق نفسه حيث لم يأت بحق ما شرط عليه العوض كفاسخ المضاربة قبل ظهور الربح بخلاف الإجارة.
والفرق إنها لازمة تجب الأجرة فيها بالعقد ويستقر شيئا، بخلاف الجعالة فإنها بجوازها لا يثبت عليه للعامل عوض ما عمل لأنه إنما تلبس بالعمل بعوض لم يسلم له ولا تقصير من جهته، والأصل في العمل المحترم الصادر بأمر المالك أن يقابل بالعوض.
وقد اختلف في أن العوض الواجب له حينئذ أجرة مثل ما عمل؟ أم بنسبة ما فعل إلى المجموع من العوض المبذول؟ قولان أظهرهما الثاني، لأنه العوض الذي اتفقا عليه.
ووجه الأول أنه بالفسخ بطل ثمرة العقد وحيث كان العمل محترما جبر بأجرة المثل كما لو فسخ المالك المضاربة.
ويرد عليه بأن تراضيهما إنما وقع على العوض العين فلا يلزم غيره، خصوصا مع زيادة أجرة المثل عنه لقدومه حينئذ على أن لا يستحق سواه. والفرق بينه وبين عامل المضاربة بين لأن المشروط له فيها جزء من الربح، فقبل ظهوره لا وجود له ولا معلومية حتى ينسب إليه ما فعل، بخلاف عامل الجعالة فإنه مضبوط على وجه يمكن الاعتماد على نسبته، هكذا قرروا اللزوم من طرف الجاعل بعد التلبس.
وفيه أن لزوم أجرة ما مضى من العمل عليه لا يقتضي اللزوم لأن المراد من العقود الجائزة والايقاعات كذلك هو جواز تسلط كل منهما على فسخها سواء