لا تقتضي إذ لا منافاة بين عطف بعض الأجناس عليما يغايرهما بل هو الواجب فبأي شئ فسره قبل حتى لو فسرت بحبات الحنطة قبل. وقد صرح بذلك العلامة في التذكرة، ويؤيده أن المفسر للشئ لا يعطف عليه إلا نادرا كما تقرر في العربية.
ولو قال: ألف وثلاثة دراهم أو وخمسون درهما أو وخمسة عشر درهما أو ألفا ومائة درهم فالجميع دراهم على الأظهر، وذلك لأن الاستعمال لغة وعرفا جار على الاكتفاء بمفسر الأخير في كونه تفسيرا لما قبله. قال الله تعالى (أن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) (1). وفي الحديث (2) أن رسول الله صلى الله وعليه وآله توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. وغير ذلك من الاستعمالات في الأخبار وكلام العرب التي لا حصر لها.
وأما الاستعمالات العرفية فهو في الظهور مغنية عن التعرض لها ولبيانها، وكأنهم لما كرهوا الاتيان بالمميزات المؤلفة في الكلام والواحد اكتفوا بأحدهما ورجح المبهم الأخير على غيره لأن المفسر إنما يفسر ما قبله، ولأن المقطوع به هو تفسير ما اتصل به فيبقى ما سواه على الابهام، والأصل براءة الذمة، ولأن المستثنى المتعقب جملا يختص بالأخيرة في الأصح.
ويضعف بأن الاستعمال لما كان جاريا على ذلك بحيث لا يفهم عند الاطلاق سواه ولا يتوقف أحد في فهم المراد في مثل ذلك على مراتبه (3) لدفع الابهام فإن المحذوف لدليل بمنزلة المذكور، وحينئذ فلا يتوقف الأصل ها هنا على وجود الناقل، والاستثناء بعد جمل إنما يعود إلى الأخيرة على القول به مع انتفاء ما يدل على عوده إلى الجميع، والأول أقوى، فلا إبهام في الأول ولا في الثاني بعد تفسيره بذلك المميز.