الخامسة: لو جعل لواحد جعلا على الرد فشاركه آخر في الرد كان للمجعول له نصف الأجرة لأنه عمل نصف العمل، وليس للآخر شئ لأنه متبرع، وإنما كان كذلك لأنه قد قصد العمل للمالك أو لنفسه، أما لو قصد مساعدة العامل فالجميع له. والحكم على الأول باستحقاق العامل النصف أو بنسبة عمله إن قبل التجزئة هو القول الأصح. أما استحقاقه في الجملة فلحصول غرض المالك، وأما كونه بالنسبة فلعدم استقلاله بالفعل.
وأما قول الشيخ في المبسوط باستحقاق المشارك نصف أجرة المثل مع عدم دخوله في الجعالة فضعفه واضح لا يحتاج إلى بيان لأنه لو استبد بالفعل لم يستحق شيئا إجماعا لأنه متبرع بالعمل فلا يستحق شيئا فكيف يستحق مع المشاركة.
وللعلامة - قدس سره - قول باستحقاق العامل الجميع لحصول غرض المالك ورد بأن مطلق حصول غرض المالك لا يوجب استحقاق الجميع بل مع عمله، كما أنه لو رده الأجنبي لا بنية مساعدة العامل لا يستحق العامل شيئا فما ذكرناه أربط بقواعد الجعالة من هذين القولين لما تقرر من أن العامل لا يستحق إلا بتمام العمل ولم يحصل مع المساعدة.
السادسة: لو جعل جعلا معينا على رده من مسافة معينة فرده من بعضها كان له من الجعل بنسبة المسافة لأنه لم يجعل جميع العمل المشروط، فكان له من الجعل ما قابل عمله حسبه وسقط الباقي، وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب وغيرهم من فرق المسلمين، ولا يخلو من نظر على قاعدة الجعالة.
ولو رده من أزيد من المسافة فإن دخل المعين استحق الأجر المعين أو أجرة المثل له، ولا شئ له على الزائد لأن المالك لم يلتزمه ولم يلتفت إليه وكان العامل فيه متبرعا فلا عوض له عنه، ولو لم يدخل فيه لا شئ له وإن كان أبعد لأنه لم يجعل في رده من غيره شيئا كما لو جعل على رد شئ ورد غيره.