والثاني: وهو الذي اختاره المصنف لأن الحلف على الجميع فصار كما لو قال: لا شربت ماء هذه الإداوة، والعرف بما ادعوه غير منضبط فلا يحكم بل ينبغي على هذا أن يقال: لا ينعقد يمينه لأن الحنث فيه غير متصور كما لو حلف لا يصعد إلى السماء.
ويتفرع على ذلك كما لو قال: لا شربت ماء هذا البئر أو النهر فيحمل حل اليمين على البعض فيبر بشرب بعضه وإن قل، والأظهر أنه يبر شرب البعض بل يكون كالحالف على غير المقدور فلا تنعقد اليمين لأن البر فيه غير ممكن أما لو كانت يمينه: لا شربت من ماء هذه الإداوة أو الجرة حنث بما يشرب من مائها قليلا كان أو كثيرا، وكذا لو قال: لا شربن من مائها بر بما يشرب منه كذلك. وكذا الحكم في ماء البئر وماء النهر لإفادة (من) التبعيض هنا بالقرينة ولعدم صلوحها للتبيين.
السابعة عشرة: لو قال: لا أكلت هذين الطعامين لم يحنث بأكل أحدهما وكذا لو قال: لا آكل هذا الخبز وهذا السمك لم يحنث إلا بأكلها لأن الواو العاطفة لمطلق الجمع فهي كألف التثنية.
وخالف الشيخ - رحمه الله - في المبسوط فقال: فإن حلف: لا كلمت زيدا وعمرا فكلم أحدهما حنث لأن الواو العاطفة تنوب مناب الفعل. وفيه من التكلف ما لا يخفى، فالأصح ما ذهب إليه الأكثر ولا فرق بين أن يكون عبر بصيغة المثنى أو صيغة الجمع لعطف (1) لأنهما في الدلالة واحد، وكون الواو نائبة مناب الفعل العامل لا نعرف له وجها. لأن الواو يجعل الشيئين كالشئ الواحد لما علم أنها بمثابة ألف التثنية وواو الجمع.
أما لو كرر حرف النفي فقال: لا أكلم زيدا ولا أكلم عمرا ولا آكل هذا السمك ولا هذا التمر حنث بأكل واحد منهما وصار بمنزلة يمينين، وبالحنث