ويمكن توجيهه بعد النص بأن الوديعة تقتضي القبض والأخذ من المالك فبمقتضى قوله عليه السلام (1) (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) يجب أن يقدم قول المالك في أنها دين لأن الدين لا تتحقق البراءة منه إلا بالأداء. ولو قدمنا قول المقر لوجب أن يقبل قوله في المسقط لتعلقه به، وهو خلاف مقتضي الخبر.
ويمكن أن يقال بأن كونها وديعة تتضمن تقديم قول المقر في الرد على المالك وفي التلف، وذلك زائد على أصل كونها عنده وهو دعوى على الغير فمقتضى قوله عليه السلام (2) (البينة على من ادعى) يجب أن ينفذ الاقرار في ذلك لأن تفرده إنما هو لكونه حق المقر دون غيره.
وقال العلامة في التحرير: إذا قال: له عندي دراهم ثم فسر إقراره بأنها وديعة قبل تفسيره سواء فسره بمتصل أو منفصل، فتثبت فيها أحكام الوديعة من قبول ادعاء التلف والرد. وبهذا صرح أيضا في التذكرة ومثله في الدروس وهو المختار.
أما لو فسره بالأمانة لم يلزم شئ لأن الأمانة لا يستلزم القبض لامكان إطارة الريح الثوب إلى ملك المقر أو وضع المالك إياها أو غيره في منزله فلا يثبت دخوله في العهدة بالأداء. هذا الفرق لا يخلو من ضعف بل الظاهر أن الحكم واحد.
أما لو قال: له عندي وديعة وقد ملكت أو رددتها إليه لم يقبل منه ولم يسمع دعواه أصلا وذلك لمناقضة الاقرار لأن المردود أو التالف ليس عنده ولا هو وديعة.
الثانية: لو قال: له علي ألف وديعة لم يقبل تفسيره ويلزمه لو ادعى التلف وذلك لأن الألف مضمونة عليه وليس بأمانة لأن قوله (علي) يتضمن اللزوم والثبوت في الذمة فلا يصدق في دعوى الرد، كما لا ينعقد دعوى التلف بأن ذلك إنما يكون فيما يثبت كونه أمانة. ولفظة (علي) ينافي ذلك.
ويشكل بأن كلمة (علي) لا تقتضي ثبوت ألف في الذمة لأنه كما يجوز أن يريد بها ذلك يجوز أن يريد بها صيرورتها عليه للتعدي أو يريد لزوم حفظها