الذي لا يتأتى ولا يمكن فرضه في المستقبل من المال. وأما كون الضرر مانعا من انعقاد النذر كما هي القاعدة فهو حق، حيث لا يمكن دفعه بوجه، وهنا أمكن دفعه بالتقويم، فيبقي رجحان الصدقة لا مانع له منه، إذ قد ورد به النص الصحيح المعمول به عند أجلاء الطائفة، حتى لو كان ضعيف السند لا يجبر وهنه، فتعين القول به، وإطلاقه يقتضي عدم وجوب تعجيل الصدقة بعين ما لا يضر، بل يكتفي بتدريجها على هذا التقدير مطلقا، وظاهر الفتاوى مبنية عليه، وفي بعضها تصريح به ولو قيل بوجوب تعجيل ما لا يضره من غير تقويم كان حسنا لأن فيه جمعا بين ما أطبق من النص هنا وبين القاعدة المقررة المتفق عليها في غيره بين الأصحاب والنصوص إلا أن كثيرا من متأخري المتأخرين قد ردوا هذا الخبر محافظة على تلك القاعدة ولمخالفته القواعد من وجوه، فأبطلوا مثل النذور لما في ارتكابها من المحذور. ومنهم من قال بأنها صريحة في العهد لا النذر، والعهد كاليمين لا كالنذر فيكفي في متعلقه الإباحة، فلا تضره المرجوحية الشرعية، فكيف يحتج به على النذر؟ ومن تتبع أخبار النذر وتأملها ظهر له في كثير منها التزام ما هو مرجوح حيث يقع النذر به، ولعلها جاءت تقية لعدم اشتراطهم الرجحان والعبادة في متعلقه، وكثيرا ما يطلق العهد على ما يشمل النذر واليمين كما تطلق اليمين على ما يشملها، وكذلك في الآيات الواردة في الكتاب في العهد، فيجب اتباع الكتاب المنصوص بالخصوص وتخصيص القواعد العامة به، وإلا انسد باب الاستدلال ويوجب لأكثر المسائل الاختلال، كيف وما من عام إلا وقد خص، فالقول بما ذهب إليه الأصحاب في هذه المسألة واجب الاتباع لأن الشريعة المحمدية قد غلق فيها أبواب تكليف ما لا يطاق وفتح فيها أبواب التساهل والسماح، وفي ذلك صونا لأكثر أخبارنا عن الاطراح.
السادسة والعشرون: في بيان حكم العهد وبيان مشروطه ومتعلقه، وقد اختلفت عبارات الأصحاب في ذلك، فالمحقق - رحمه الله - والعلامة جعلا حكمه حكم