أما ما تصح فيه الإجارة من الواجبات فتصح فيه الجعالة، ولو أريد بالمحلل المباح لخرج غيره مما تصح الجعالة عليه نصا وفتوى، ولا بد من حمله على المعنى الأول.
الثانية: أنه كان الغرض من مشروعية الجعالة تحصيل الأعمال المجهولة غالبا كرد الآبق والضالة ومسافة رد الآبق لا تعرف غالبا فاغتفرت الجهالة في العمل لمسيس الحاجة كما اغتفرت في عامل المضاربة لدعوى الحاجة إلى ذلك، وإذا كانت الجهالة مغتفرة في القراض والمضاربة لتحصيل الزيادة فلأن يحتملها في الجعالة لتحصيل أصل المال أولى، وكما تصح الجعالة على العمل المجهول تصح على المعلوم قطعا، خلافا لبعض العامة حيث خصها بالمجهول فجعل مورد المعلوم الإجارة، وليس بشئ لعموم الأدلة فيها فهي شاملة للمعلوم والمجهول.
الثالثة: يعتبر فيها بالنسبة إلى الجاعل أهلية الاستئجار والجعالة، وفي العامل امكان تحصيل العمل. والمراد أن يكون الجاعل مطلق التصرف غير محجور عليه بأحد الأسباب الموجبة للحجر، وأن العامل يعتبر فيه ذلك أيضا ويزيد عليه امكان تحصيل العمل، ويعتبر في الجعل الذي هو العوض أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد أو كان مما جرت العادة بعده، وهذا هو المشهور بين الأصحاب.
وذهب البعض إلى اغتفار الجهالة فيه أيضا وكأنه اغتفروا ذلك لأن مبنى الجعالة على الجهالة في أحد العوضين الذي هو العمل قطعا، فصار أمرها مبنيا على احتمال الغرر، وللآية المذكورة (ولمن جاء به حمل بعير) لأن الحمل غير منضبط بأحد طرق المعلومية، ولقوله صلى الله عليه وآله (1) (من قتل قتيلا فله سلبه) وهي الجعالة على عمل مجهول، وهذا أقوى.