أما الثاني فيمتنع كونه تأكيدا للأول لانتفاء الواو في الأول ووجود العاطف في الثاني، فيمنع التأكيد بتكرير اللفظ لانتفاء المطابقة بين لفظيهما، فمتى قال المقر بعد هذا الاقرار: أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل منه ولزمه درهمان. ولو قال: أردت بالثاني تأكيد الأول لم يقبل لانتفاء الواو في الأول وتخلل الفاصل بينهما وكذا يجب الثالثة لو قال: وكذا درهم ودرهم ثم درهم، وكذلك العكس، وذلك واضح لاختلاف حرفي العطف، وذلك يقتضي امتناع التأكيد اللفظي.
ولو قال: له علي درهم قبله أو بعده درهم أو قبل درهم أو بعد درهم لزمه درهمان. ولو قال: قبله وبعده لزمه ثلاثة إذ القبلية والبعدية لا تحتمل إلا الثبوت.
ولو قال: له درهم مع درهم أو فوق درهم أو تحت أو معه أو فوقه أو تحته لزمه واحد لاحتمال فوق درهم إلي أو في الجودة، ومع قيام الاحتمال وأصالة البراءة لا يجب إلا واحد. ولا فرق بين هذا والذي قبله فإن الفوقية والتحتية يرجعان إلى المكان فيتصف بهما نفس الدرهم بخلاف القبلية والبعدية فإن مرجعهما إلى الزمان ولا يتصف بهما نفس الدرهم، فلا بد أن يرجعان إلى التقدم والتأخر فيرجعان إلى المقر، وليس لذلك معنى إلا الوجوب عليه.
وربما قيل: إنه لا يلزمه في القبلية والبعدية إلا درهم أيضا لأنهما كما يكونان بالزمان يكونان بالرتبة كما حقق في محله ثم إنه قد وافق على الزمانية، وأن نفس الدرهم لا يتصف بها لكن يجوز رجوعهما إلى غير الوجوب بأن يريد درهم مضروب قبل درهم وما أشبهه، وثم إنه ذهب إلى أنهما يرجعان إلى الوجوب لكن يجوز أن يريد وجوب درهم قبل وجوب درهم آخر، وهذه الفروق وما أورد عليها الشافعية (1). وقد أورد العلامة في التذكرة ثم تنظر فيها بأنه لو سمعت مثل هذه الاحتمالات لسمعت في مثل: له عندي درهم ودرهم مع اتفاقهم على لزوم درهمين، هذا حاصل كلامه.