وظاهر هذا الحسن بقاء التخيير من غير تقييد بذلك، وليس منافيا لما سبق لأنه فرضها هاهنا فيما لو كان قد أدرك الولد وأمر بالحج عنه بما ترك أبوه فجاز كونه الفرد المعتبر إخراجه، ولانحصار الوارث في الابن ورضاه، أو غير ذلك من المحتملات.
ولو فرض اختيار الولد الحج عن نفسه بالمال صح أيضا وأجزأه على تقدير استطاعته عن فرضه لأن متعلق المال حجة عن نفسه، وذلك لا ينافي كونه حجة الاسلام.
أما لو مات الولد قبل أن يفعل أحد الأمرين بقي الفرد الآخر - وهو الحج عنه - سواء كان موته قبل أن يتمكن من الحج بنفسه أم لا، وذلك لأن النذر ليس بمحضر في حجه حتى يلاحظ تمكنه في وجوبه. نعم لو كان موته قبل أن يتمكن الأب من أحد الأمرين احتمل السقوط رأسا لفوات متعلق النذر قبل التمكين منه لأنه أحد الأمرين والباقي منهما غير أحدهما الكلي، وهذا خيرة الشهيد الأول في الدروس. ولو قيل هنا بوجوب الحج عنه كان قولا وجيها لأن الحج عنه متعلق النذر أيضا، وهو ممكن. ونمنع اشتراط القدرة على جميع الأفراد المخيرة بينها في وجوب أحدهما، كما لو نذر الصدقة بدرهم فإن متعلقه أمر كلي، فهو مخير في الصدقة بأي درهم اتفق من ماله، فلو اتفق ذهاب ماله إلا درهما واحدا وجبت الصدقة به لانحصار الكلي فيه.
الثالثة عشرة: لو نذر أن يحج ولم يكن له مال فحج نائبا عن غيره أجزأ عنهما على قول الشيخ - رحمه الله - وجماعة، استنادا إلى صحيحة رفاعة (1) وما ضاهاها من الأخبار وقدمت في كتاب الحج (قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل حج عن غيره ولم يكن له مال وعليه نذر أن يحج ماشيا أيجزي عنه؟ قال: نعم).