وإذا حلف: لا دخلت دارا فدخل براحا وكان دارا سابقا لم يحنث لخروجه عن اسم الدار بزوال الآثار.
أما لو قال: لا دخلت هذه الدار وكانت دارا وقت الحلف فانهدمت فصارت براحا فهي موضع خلاف، فقال الشيخ: لا يحنث.
وفيه نظر من حيث تعلق يمينه بالعين فلا اعتبار بالوصف، أما عدم الحنث عند الاطلاق فلأنها بصيرورتها قد خرجت عن اسم الدار، فلم يصدق أنه دخل دارا. وأما المعينة فالأمر فيها كذلك، إلا أنه قد عارض فيها الاسم الذي هو في قوة اسم الإشارة، وفي تغليب أيهما على الآخر؟ وجهان كما سبق بيانه.
ويزيد هنا أن الغرض من الوصف في السابق مقصود غالبا، بخلاف الدار فإن الحكم فيها تابع لمحض الاسم أو المشار إليه، وهو السر في ترجيح المحقق في الشرايع زوال الحنث بانتقال الوصف في المسألة السابقة واستشكاله هنا، إلا أنه يمكن أن يعكس الاعتبار ويقال: إذا كان زوال الوصف في المسألة السابقة أوجب زوال الحكم مع أن حقيقة المحلوف عليه وهو المرأة والعبد والدار باقية فلا يزول الحكم هنا مع زوال حقيقة المحلوف عليه وهو الدار هنا أولى، لأن غرضه الدار المعبر عنها بالبراح - بفتح الباء - وهي الأرض الخالية من البناء والزرع والشجر، وهذه لا تسمى دارا حقيقة بل يمكن أن يقال بزوال حكم اسم الإشارة أيضا، لأنها قد تعلقت بعين تسمى دارا، وهي اسم مركب من العرضة وما يشتمل عليه من البناء وآلات الدار، ولا شك أن العرصة التي هي الجزء لذلك المركب غير المركب فلا يكون هو المشار إليه.
وربما ناقص بعضهم في اشتراط أمر زائد على العرصة في إطلاق اسم الدار بل زعم أنها اسم للعرصة، وليست العمارة جزء من مفهوم الدار بل من كمالها، فإن العرب في كلامهم نثرا وشعرا قد أطلقت الدار على العرصة كقول النابغة: