وأما الآية فلا دلالة فيها على محل النزاع لانتفاء احتمال الاستهزاء فيها ودعوى الهدرية والسفه مردودة بالاستهزاء من الأمور المقصودة لغة وعرفا، والأصح الأول.
وأما زنه أو خذه أو نحوهما فلا يعد شئ منها إقرارا لانتفاء الدلالة عرفا وإن كان خروج ذلك مخرج الاستهزاء. ولو قال: أنا أقر به احتمل للوعد فلا يكون إقرارا، وذلك لأن الفعل المستقبل وهو المضارع مشترك بين الزمانين كما هو الأصح، والاقرار بالنسبة إلى المستقبل وعد كما تقرر.
وأما أنه لا يكون إقرارا فظاهر لأن الاقرار كما عرفت إخبار جازم بحق سابق. ويمكن أن يكون مراد العلامة في القواعد حيث عبر بهذه العبارة احتمال كونه وعدا واحتمال كونه إقرارا فتكون المسألة ذات وجهين، وهو الذي فهمه الشارح الفاضل فخر المحققين في الايضاح وأول الشهيدين في بعض حواشيه حيث نقل أن فيها قولين.
والعلامة في التذكرة نقل عن الشافعية وجهين، ووجه الثاني أن قرينة الخصومة وتوجه الطلب يشعر بالتنجيز فيكون إقرارا، والأقوى الأول.
ولو قال: اشتر مني هذا العبد أو استوهبه فقال: نعم فهو إقرار، لأن (نعم) في جواب الفعل المستقبل حرف وعد وعدته إياه بالشراء منه، فيقتضي كونه مالكا لامتناع صدور البيع الصحيح من غير المالك، ومثله الاتهاب.
وقد فرق العلامة في التذكرة هنا بين أن يقول: اشتر مني هذا العبد فيقول:
نعم فإنه إقرار بأن المخاطب مالك للبيع وليس إقرارا بأنه مالك للمبيع خاصة، ويشكل الفرق بأن اليد تدل على الملك والأصل في ثبوت سلطنة التصرف أن لا تكون بالنيابة عن الغير، ولعل الأول أقرب. وكذا لو قال: بعني أو هبني أو ملكني، لأن هذه الألفاظ إقرار وذلك بالطريق الأولى.
ولو قال: ملكت هذه الدار من فلان أو غصبتها منه أو قبضتها فهو إقرار،