لا تقع الأولى على وجهها، فكذا مع وجوبها بالعارض لاشتراكهما في معنى الوجوب فتجب الكفارة للاخلال. (وأما الثاني) فلأنه لم يأت المنذور على وصفة ووقته غير معين فيتدارك مع إمكانه وبقاء وقته فكأنه لم يفعله أصلا، وهذا أقوى.
ومال المحقق - رحمه الله - في المعتبر إلى صحته مع التعيين وإن وجبت الكفارة من حيث إن المنذور في قوة سنن الحج والمشي، فإذا أتى بهما خاصة برئت ذمته منه ولم يبق سوى الآخر، والحج هنا قد أتى به حقيقة، فالمتروك هو المشي وليس هو جزء من الحج ولا شرطا فيه وإنما هو واجب منه خارج عنه، ولا طريق إلى قضائه مجردا لعدم التعبد به شرعا منفردا، فقد تحققت المخالفة للنذر في الجملة فلزمه الكفارة لأجلها، وهذا يتوجه إذا نذر الحج والمشي من غير أن يتقيد أحدهما بالآخر في قصده وأياما كان فالأظهر من هذه الأقوال التفضيل، ولو ركب بعضا قضى الحج ومشى ما ركب.
وقيل: إن كان الحج المنذور مطلقا أعاد ماشيا، وإن كان معينا لسنة معينة لزمه كفارة خلف النذر، والأول هو المروي كما تقدم في الحج وهو المشهور بين الأصحاب. والقول الثاني لابن إدريس وعليه المتأخرون، واستظهر ثاني الشهيدين لكنه في السرائر أطلق في المعينة بالصحة ووجوب الكفارة، فيحتمل أن يكون لأجل فوات الصيغة مع صحة الحج كما حكيناه عن المحقق في المعتبر، ويحتمل كونه مع إعادته كما صرح به جماعة. ويؤيد الأول ما ذكرناه فيما مضى أن الاخلال بالمنذور عمدا يوجب الحنث والاخلال بالنذر كاليمين فلا يجب القضاء بفوات وقت المعين، وإلحاق الموقت بالنذر بالموقت بأصل الشرع قياس لا نقول به.
والعاشرة: لو عجز الناذر عن المشي انتقل إلى الركوب، وإذا حج راكبا فهل يجب عليه جبره بسياق بدنة ينحرها بمكة أو بمنى؟ أقوال:
(أحدها) عدم وجوبها، ذهب إليه المحقق وابن الجنيد - رحمه الله - وأكثر