جاءني زيد وعمرو وخالد إلا زيدا لم يصح لاشتماله على النقض، ويصح لو قال:
له عندي درهمان إلا درهم لأنه يكون قد تجوز في الدرهمين فلا يكون نقضا.
ومرجع استدلاله وحاصله هو أن الدرهم يدل على معناه نصا كما يدل زيد على معناه نصا. فإذا قال: له درهم ودرهم بمنزلة قوله زيد وزيد، فتمتنع استثناء درهم وزيد لأنه يكون مستغرقا.
وفيه نظر، حققه المحقق الثاني في شرح القواعد، وجهه أن دلالة لفظ الدرهم على مسماه من باب إطلاق اسم الكل على الجزئي لا مانع منه ومن احتماله، فيكون دلالته على مسماه ظاهرا لا نصا، فلا يلزم النقض وإنما يلزم منه استعمال كل من الدرهمين في غير مسماه.
ثم بناء الشيخ - قدس سره - الصحة على عود الاستثناء إلى جميع الجمل والبطلان على عدمه غير ظاهر الوجه، لأن الاستثناء إنما يختص بالأخيرة إذا لم يستغرق، أما معه فيجب عوده إلى الجميع كما تقرر فيما سبق، ويجب عوده إلى المستثنى منه لو كان مستغرقا للاستثناء الثاني، وقرينة أن المقام يقتضي عوده إلى الجميع، والاختصاص بالأخيرة إنما هو مع عدم القرينة وليس عود الاستثناء إلى الأخيرة خاصة على القول به لكونه حقيقة في ذلك ويمكن حمله على المجاز بدون قرينة سوى امتناع الحمل على الحقيقة، فإن ذلك لا يكفي في التجويز بل لأن مخالفته للأصل أقل من مخالفة عوده إلى الجميع.
واعلم أن مقتضى كلامهم (أن له درهم ودرهم) جملتان وكأنه بالنظر إلى أن واو العطف تنوب عن العامل.
ولو قال: له ثلاثة ودرهمان إلا درهمين فإنه يصح على إشكال في ذلك لأن امتناع عود الاستثناء إلى الأخير يوجب عوده إلى الأولى أو إلى الجميع، ويلزم الشيخ وابن إدريس بناء الصحة هنا وعدمها على القولين بعود الاستثناء إلى الجميع أو الأخيرة كما في الأولى.