المستغرق فيختص بالبطلان، والثاني إنما يتفرع عليه لو كان صحيحا، أما مع البطلان فلا يتصور الاستثناء منه فيلزمه درهم.
(والثالث) صحتهما مع فيلزمه درهمان، ووجهه أن المستثنى بالأول وهو ما بقي بعد الاستثناء الثاني وهو درهم لأن ثلاثة إلا درهمين في قوة درهم فكأنه قال: له ثلاثة إلا ما بقي من ثلاثة مستثناة بعد استثناء درهمين منهما، ولا استغراق هاهنا.
وتنقيحه: أن المستثنى والمستثنى منه كلام واحد لا يتم أوله إلا بآخرة، فلا يعتبر الاستثناء الأول بدون اعتبار الثاني كما تقول في قوله: له علي عشرة إلا درهم أن المحكوم بثبوته هو العشرة المخرج منها درهما، لأنه حكم ثبوت مجموع العشرة ثم حكم بإخراج درهم منها، لأن ذلك يقتضي كون الدرهم محكوما بثبوته وبعدمه، وهو تناقض، وثالثها أقواها.
الرابعة: الاستثناء كما يصح من الاقرار المطلقة كذلك يصح من العين باعتبار استثناء جزء منها، فإذا قال: هذه الدار لزيد إلا هذا البيت، وهذا الخاتم إلا فضته، وهذه العبيد إلا واحد فهو بمنزلة الاستثناء من الأعداد المطلقة من غير تفاوت، كما هو مذهب الإمامية وأكثر الشافعية، ومنع بعض الشافعية صحة الاستثناء هنا لأنه غير معهود ولا معتاد، ولأنه إذا أقر بالعين كان ناصا على ثبوت الملك فيها فيكون الاستثناء رجوعا. ويضعف بأن الاقرار إنما هو لما بعد الاستثناء، فلا يلزم الرجوع.
ولو قال: هذه العبيد إلا واحد فله التعيين لأن المقر به مبهم لا يعلم إلا بتفسيره، ونسبة الاقرار إلى كل منها على السواء فإذا فسره قبل لأصالة براءة الذمة مما سوى ما فسره به، فإن لم يصدقه المقر له لم يكن له سوى إحلافه لو ماتوا كلهم إلا واحد فقال هو المستثنى قبل.
ولو قال: له عشرة إلا درهم بالرفع لزمه العشرة وذلك لأن (إلا) هاهنا