كما وقع في مرسلة ابن أبي عمير (1) المروي في تفسير القمي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) (2) قال: نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وبلال وعثمان بن مظعون، فأما أمير المؤمنين عليه السلام: فحلف أن لا ينام أبدا، وأما بلال فحلف أن لا يفطر بالنهار، وأما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا - وساق الخبر إلى أن قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ونادى الصلاة جامعة وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام يحرمون الطيبات على أنفسهم إلا أني أنام الليل وأنكح وأفطر بالنهار، فمن رغب عن سنتي فليس مني، فقالوا:
يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عز وجل (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين - إلى قوله: - إذا حلفتم) (3).
فجعل هذه اليمين باعتبار مرجوحية متعلقاتها من أيمان اللغو حتى أن يحرم المباحات على نفسه طلبا للزهد لا ينفك عن المرجوحية لأنه يقول (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم). وأما ما ظاهره انعقاد اليمين لما قد أمر بحلها من غير ظهور رجحان، فلا بد من حملها على وجه يرجحها إلى القاعدة لئلا تختل القواعد الشرعية.
السابعة عشرة: إذا حلف أن لا يشرب من لبن عنز ولا يأكل من لحمها لزمه الوفاء، وفي المخالفة الكفارة إلا مع الحاجة إلى ذلك.
ولا يتعدى هذا التحريم إلى أولاده في المشهور لعدم تعلق اليمين بها، حيث إن الحلف إنما وقع على شرب لبنها وأكل لحمها وهو من قبيل الحلف على المباح فيعتبر في انعقاده تساوي الطرفين في الدنيا أو رجحان جانب اليمين، فلو كان محتاجا إلى الأكل لم ينعقد، وكذلك لو تجددت الحاجة كما مر، ومثله ما لو كان الأكل راجحا كالهدي والضحية، وحيث تنعقد اليمين يقتصر عليها فلا يتعدى