المطلب الثالث في بقية أحكام النذر وما يتعلق بتلك الضوابط والقواعد مما جاءت به النصوص وفيه مسائل:
الأولى: أن النذر إذا استكمل شرائطه المتقدمة وجب الوفاء به، فإن كان مطلقا فلا إشكال في استحباب المبادرة إليه لما فيه من المسارعة إلى سبب المغفرة المأمور بها والخروج من خلاف من جعل الأمر المطلق منزلا على الفور، ولكن يجوز التأخير لأن النذر المطلق وقته المعمر، والفوز غير واجب على الأصح كما هو المشهور، ويتضيق عند ظن الوفاة أو ضعف عنه. وذهب بعض الأصحاب إلى وجوب المبادرة إليه وهو شاذ. أما لو كان موقتا وجب اتباع ما وقت عليه بالاتفاق، والنصوص به مستفيضة.
المسألة الثانية: لا ينعقد نذر الصوم إلا أن يكون طاعة مشروعة كما هو مجمع عليه عند الإمامية وأكثر العامة. وذهب بعض العامة إلى انعقاد النذر ووجوب صوم يوم آخر مكانه، وربما قال بعضهم: إنه لو صامه خرج عن نذره.
وفساده واضح.
ويدل على هذا ما تقدم في كتاب الصوم من أنه إذا نذر يوما معينا فوافق أحد الأيام المحرم فيها الصوم كيومي العيدين وأيام التشريق بمنى وأيام المرض وأيام الحيض وجب عليه الافطار واستحب له القضاء وربما قيل بالوجوب، وقد تقدم ذلك كله، وفي صحاح ابن مهزيار ومكاتباته وغيرها الصريح بذلك، وفيها يقضي يوما بدل يوم إن شاء الله تعالى.
الثالثة: لا ينعقد صوم يوم لا يتمكن منه كما لو نذر صوم يوم قدوم زيد من سفره بعينه ولم ينذره دائما، فإن المشهور بين الأصحاب أنه لا ينعقد نذره