وقد جاء ما يدل على انعقاد هذه اليمين، ففي حديث المناهي (1) (من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية كفارة) وحمل على الاستحباب لعدم انعقاد هذه اليمين ووقوع الحلف فيها بغير الله.
وبقي هنا مسائل قد تكلموا عليها لاشتباه معاني الألفاظ المتعلقة بها من جهة الاشتراك اللفظي أو الحقيقة والمجاز أو المدلول الغوي أو العرفي لا بأس بذكرها وإن خلت النصوص التي بأيدينا عنها، لكنها مما يمكن إرجاعها إلى القواعد التي أذن لهم في التفريع عليها.
الأولى: لو حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه زيد فاشترى زيد وعمرو طعاما صفقة واحدة ففي حنثه بالأكل منه وجهان:
أحدهما: نعم، لأنهما لما اشترياه صدق على كل واحد منهما قد اشترى نصفه، ولهذا يلزم كل واحد منهما نصف ثمنه، فإذا كان أزيد نصفه وقد أكل من طعام اشتراه زيد إذ لم يكن محصورا فيما اشتراه زيد بل فيما صدق أنه اشتراه.
والثاني: لا، لأن الشراء عقد واحد، فإذا اشترك فيه اثنان ولم ينفرد أحدهما به اختص كل واحد منهما في العرف بنصفه فلم تكمل الصفقة لأحدهما فلا يقع الحنث لأن الأسماء في الأيمان تتبع، فحينئذ فليس له جزء يقال: إن زيدا انفرد بشرائه بل كل جزء يقال إنه اشتراه زيد وعمرو فهو بمنزلة من حلف:
لا لبست ثوب زيد فلبس ثوبا لزيد وعمرو أو قال: لا دخلت دارا لزيد فدخل دارا لزيد وعمرو. وهذا مختار الأكثر منهم الشيخ - رحمه الله - في الخلاف والمحقق في الشرايع والعلامة في أكثر كتبه، وفي المبسوط قوى القولين معا.
وأجيب عما احتج به الأول بأنه لا يلزم من لزوم كل واحد نصف ثمنه أن يكون مشتريا لنصفه، وإنما الواقع أن كل واحد منهما نصف مشتر لجمعه لا مشتر تام لنصفه، وهذا أقوى.