وقوى الشيخ في المبسوط بطلان ذلك النذر، بناء على أن المشي إليه بغير أحد النسكين غير مشروع بل ولا جائز، فلا ينعقد نذره والكلام لا يتم إلا بآخره، فيكون بقيده الأخير قد نذر ما ليس بطاعة.
والمحقق - رحمه الله - استشكل ذلك بأن القصد إلى بيت الله في نفسه طاعة كما سمعت من تلك الأدلة وإن لم يضم إليه أحد النسكين، ووجوب أحدهما عليه أمر خارج يلزم بالدخول للناذر وغيره، وإنما يجب عليه بعد بلوغ الميقات ولا ينافي تركهما صحة النذر، غاية الأمر أن يقضي بتركهما من حيث مجاوزته للميقات بغير إحرام لا من حيث النذر.
وفيه: أن المنذور هو لقاء البيت مقيدا له بكونه غير محرم بأحدهما وذلك معصية محضا فلا ينعقد، وكون وجوب الاحرام طارئا على النذر إنما ينفع لو لم يقيد ذلك النذر بصفة محرمة، أما معه فلا، لأنه بدونها غير مقصود، وبها غير مشروع، فالقول بعدم الانعقاد قوي، نعم لو قصد بقوله " لا حاجا ولا معتمرا أن أحدهما غير منذور وإنما المنذور والمشي إلى بيت الله تعالى من غير أن ينفي فعل أحدهما بفعل النذر اتجه ما كره المحقق - رحمه الله - وانعقد النذر وإن وجب عليه أحدهما عند بلوع الميقات لا من حيث النذر بل من تحريم مجاوزة الميقات من غير إحرام بأحدهما مع وجوب مجاوزته للقاء البيت، وهذا كله في حق غير من يجوز له دخول الحرم غير محرمين، وإلا فلا شبهة في انعقاد النذر لانتفاء المعصية به حينئذ.
ولو قال: أن أمشي واقتصر على ذلك، فإن قصد موضعا في نيته انصرف إلى ما قصده، وإن لم يقصد لشئ لم ينعقد نذره المشي مطلقا ليس طاعة في نفسه، وحينئذ فيقع لغوا. وإنما ينعقد إذا المشي في أمر راجح كالمشي إلى المسجد وقضاء حاجة مؤمن أو في جنازته وعيادة مريض ونحو ذلك. وإن أطلق اللفظ ولم يقيده بالنية بأحد هذه الطاعات لم ينعقد لأن المنذور حينئذ ليس