ثانيها: اختلفوا في نهايته أيضا إلى قولين:
(أحدهما) وهو المشهور بين الأصحاب أنه طواف النساء لأن به يحصل كمال التحلل لأنه باق في أعمال الحج ما بقيت عليه علقة الاحرام، ثم له الركوب بعد ذلك وإن كان قد بقي عليه الرد (1) في أيام منى لخروجها من الحج خروج التسليم الثاني في قول.
(والثاني) إلى تمام الأفعال التي آخرها الرمي وإن كان بعد التحلل، لأن الحج اسم لمجموع المناسك وهو من جملتها على القول بوجوبها كما هو المشهور، لما قد تقدم من أن المنذور هو الحج في حالة المشي، والمركب لا يتم إلا بتمام أجزائه كما هو واضح.
وتؤيده صحيحة إسماعيل بن همام (2) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في الحج: إذا رمى الجمار زار البيت راكبا وليس عليه شئ). وهي ظاهرة في أن المراد رمي جميع الجمار وهو لا يحصل إلا بعد التحلل والعود إلى منى، لأن زيارة البيت لطواف الحج إنما يكون بعد رمي جمرة العقبة خاصة، هذا إذا أريد بالجمار محل الرمي.
وإن أريد بها الحصى المرمى بها فقد وقعت في الحديث جمعا معرفا فتفيد العموم لأنها من صيغة كما برهن عليه في الأصول، فلا يصدق إلا بتمام الرمي.
وحينئذ فتحمل زيارة البيت فيها على طواف الوداع ونحوه، ولو حمل على أن المراد بزيارة البيت طواف الحج - بناء على أنه المتعارف في الأخبار - كان دالا على الاكتفاء بالتحلل الأول في سقوط المشي وهو كونه خلاف الظاهر في رمي الجمار مخالف للقولين معا، نعم هو قول لبعض العامة، والأول هو الأصح عندهم أيضا، والثاني لا يخلو من قوة.