وإن كان الخلاف في غير المميز والمجنون أظهر وأجلى، لأن الغرض منها حصول المجعول عليه وعدم مراعاة القصد إلى العوض.
نعم يشترط فيه إمكان تحصيل العمل بنفسه إن شرط عليه المباشرة أو مطلقا إن لم يشترط. والمراد بالامكان ما يشمل العقلي والشرعي والعادي ليخرج منه الكافر لو كان الحمل المجعول عليه استيفاء الدين من المسلم.
ولو كان رد عبد مسلم ففي تناوله للذمي وجهان: من اقتضاء إثبات يده عليه الموجب للسبيل المنفي بالآية والرواية، ومن ضعف السبيل بمجرد رده، وإن كان الأقوى الجواب لعدم السبيل شرعا وعرفا بمجرد ذلك الرد ما لم يكن الجعل ممتنعا في حقه بأن كان العوض بعضه.
ولو عين الجعالة لواحد فرد غيره كان عمله ضائعا، لأنه يتبرع حيث لم يبذل له أجرة ولا لمن يشمله، وذلك لأنه قد شرط على المجعول له العمل بنفسه أو قصد الراد العمل بنفسه أو أطلق. أما لو رده نيابة عن المجهول له حيث يتناول لأمر النيابة كان الجعل لمن جعل له.
ولو تبرع أجنبي بالجعل وجب عليه الجعل مع الرد كما يصح بذل المال عن العمل للباذل يصح عن غيره، لأن ذلك أمر مقصود للعقلاء فيتناوله الادن في الجعالة، بخلاف المعاوضة للغير بماله، وحينئذ فيلزم الباذل ما جعله مع رده إلى المالك أو إليه حسب ما شرط، ولا يلزم المالك شئ من ذلك لا للعامل ولا للباذل.
الرابعة: أن الجعالة جائزة قبل التلبس بالعمل، فإن تلبس استصحب الجواز أيضا من جهة العامل ولازمة من طرف الجاعل إلا أن يدفع أجرة ما عمل ولا خلاف في أن الجعالة في نفسها من الأمور الجائزة من الطرفين، بمعنى تسلط كل من المالك والعامل على فسخها قبل التلبس بالعمل وبعده، سواء جعلناها عقدا أم إيقاعا من حيث عدم اشتراط القبول من العامل فيها بمنزلة أمر الغير بعمل له أجرة، فلا يجب المضي فيه من الجانبين فمقتضاها ذلك، إن كان الفسخ