وفي حكمه الأعجمي الذي لا يفهم اللغة العربية، فقد روي (1) (أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله ومعه جاريته أعجمية أو خرساء، فقال: يا رسول الله علي صلى الله وعليه وآله لها: من أنا؟ فأشارت إلى أنه رسول الله، فقال له: أين الله؟ فأشارت، ثم قال صلى الله وعليه وآله لها: من أنا؟ فأشارت إلى أنه رسول الله، فقال له: أعتقها فإنها مؤمنة).
وإنما جعلت الإشارة إلى السماء دليلا على إيمانها لأنهم كانوا عبدة الأصنام، فأفهمت بالإشارة البراءة منها لأن الله الذي في السماء ليس هو الأصنام، ولا يراد بكونه فيها التخيير بل على حد قوله (وهو الذي في السماء إله) (2).
ولا يفتقر الأخرس مع إسلامه بالإشارة المفهمة إلى فعله الصلاة لأنها فرع الاسلام والمعتبر ثبوت أصله، ولما ذكرناه من الأدلة.
وخالف بعض العامة فاعتبر في إسلامه الصلاة بعد إشارة المذكورة محتجا بأن الإشارة غير صريحة في الغرض فتؤكد بالصلاة، وحمله بعضهم على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة.
ويعتبر في اتصافه بالاسلام أن يشهد الشهادتين لاكتفاء النبي صلى الله عليه وآله في الصدر الأول، ولا يحكم بإسلام المسبي من أطفال الكفار بتبعية السابي، سواء كان معه أبواه الكافران أم لا، كما هو المشهور بين الأصحاب - سيما المتأخرين - لعدم دليل للحكم على التعيين، وثبوت كفره قبل الانفراد عنهما، فيستصحب.
وأما الخبر النبوي (3) المروي من الفريقين من قوله صلى الله وعليه وآله (كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه) لا يدل على الحكم بإسلامه على تقدير انفراده لأنه قد حكم عليه بالكفر قبل الانفراد، ولا دليل على زوال ذلك ومجرد ولادته على الفطرة لو سلم كون المراد بها الاسلام المحض، فقد تحقق