لأن وقوع المعلق مشروط بوجود المعلق عليه، وذلك ينافي مقتضى الخبر. ولا فرق في ذلك بين ما يقع باختيار المخبر كقوله: إن شئت - بالضم - أو لغير اختياره كقوله: إن شئت - بالفتح - وإن قدم زيد أو رضي أو شهد ونحو ذلك.
ولو قال: إن شهد لك فلان فهو صادق فموضع خلاف، وهذا الحكم قد ذكره الشيخ في المبسوط وتبعه عليه جماعة منهم المحقق - رحمه الله - وجعلوا من صيغ الاقرار وإن كان معلقا ظاهرا على شرط.
ووجهوه بأن صدقه يوجب ثبوت الحق في الحال وإن لم يشهد. وتقريره أنه قد حكم بصدقه الشهادة، والشهادة لا دخل لها في تحقق الصدق وعدمه، وإنما الصدق يقتضي مطابقة خبره للواقع وقت الاقرار، ولا يكون كذلك إلا على تقدير ثبوت الحق في ذمته وقت الاقرار، فيكون إقرارا منجزا وإن لم يشهد، بل وإن أنكر الشهادة. ومثله ما لو قال: إن شهد صدقته أو فهو عدل لم يكن مقرا، لأن كاذب قد يصدق والشهادة مبنية على الظاهر، فلا ينافي عدم مطابقتها لما في نفس الأمر العدالة.
ووجهوه ثانيا أيضا بأنه يصدق كلما كان صادقا على تقدير الشهادة، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلما كان صادقا على تقدير الشهادة كان المال في ذمته، لكن المقدم حق لاقراره فإنه حكم بصدقه على تقدير الشهادة فالتالي مثله.
ووجهوه ثالثا أيضا بأن يقال: إما أن يكون المال ثابتا أو لا والثاني باطل لأن ما يستلزم كذب الشاهد على تقدير الشهادة لأنه خبر غير مطابق لكنه قد حكم بصدقه على تقديرها الأول، وعورض بأمرين:
(أحدهما) التعليق، فإنه حكم بصدقه المقتضي لشغل الذمة إن شهد، والتعليق مناف لاقراره فكان كقولك: كذا إن قدم زيد، ويمكن الفرق بأن هذا تعليق محض