وأما تشبيه الطعام بالمشترك بالثوب والدار ففي غاية الضعف لظهور والفرق بأن بعض القميص ليس بقميص وبعض الدار ليس بدار، والحال إن زيدا لم يشتر جميع القميص والدار بخلاف الطعام، فإن اسمه يقع على القليل والكثير، وإنما المخلص منه ما ذكر من أن المشترك ليس هو ولا بعضه مال زيد ولا ما اشتراه.
وحيث تقول بعدم الحنث للأكل له إذا كان مشاعا فاقتسماه لم يحنث بما يأكله من نصيب عمرو فهل يحنث بما يأكله من نصيب زيد؟ وجهان منشأهما أن القسمة تمييز لما اشتراه زيد عما اشتراه عمرو فيصدق على كل ما حصل لكل واحد منهما أنه الذي اشتراه، ومن أن الذي اشتراه كان غير معين، وما حصل له بالقسمة معين، فهذا ليس هو الذي اشتراه بعينه، فلا يحنث به وما ادعى من أن القسمة تمييز ما اشتراه فليس بمسلم بل تمييز حقه من المشترك بينهما بالشراء المشترك، وهذا هو الأقوى، وقد تردد في ذلك أيضا الشيخ - رحمه الله - في المبسوط مستوجها لكن من القولين.
الثانية: لو كان قد حلف على ما اشتراه زيد فاشترى طعاما منفردا أو اشترى عمرو طعاما كذلك ثم اختلطا فأكل منه الحالف ففيه أوجه.
(أحدها) وهو مختار الشيخ - رحمه الله - في الخلاف واستحسنه المحقق في الشرائع، أنه إن كان أكل النصف فما دونه لم يحنث، وإن زاد على النصف حنث لأنه بزيادته على النصف يحصل له الجزم لأنه أكل من طعام زيد لا بدونه.
ومثله ما ذكروه أيضا فيما لو حلف لا يأكل تمرة واختلطت بتمر كثير فإنه لا يحنث ما بقيت تمرة، وإنما يحنث إذا أكل الجميع لأنه تحققنا حينئذ أنه قد أكل المحلوف عليه، وهذا التقييد الذي وقع بالنصف إنما هو عند استواء القدرين، وإلا فالمعتبر حينئذ الزيادة على مقدار حق عمرو ليتحقق دخول حق زيد.
(وثانيها) أنه لا يحنث ولو أكله لأنه لا يمكن الإشارة إلى شئ منه