الوزن لا الكيل عندنا لأن المد الشرعي كما تقدم في الفطرة وفي القتل مركب من الأرطال، والرطل مركب من الدراهم، والدراهم يركب من وزن الحبات ويركب من المد الصاع، ومن الصاع الوسق، فالوزن أصل الجميع، وإنما عدل إلى الكيل في بعض المواضع تخفيفا. وتظهر الفائدة في اعتبار الشعير بالكيل والوزن فإنهما مختلفان جدا بالنسبة إلى مقدار البر بالكيل.
وثانيها: المصروف إليه، وهو ستون، كما هو صريح الآية والرواية، فلا يجزي الصرف إلى ما دون الستين، وأن يراعى العدد في الدفع بأن دفع إلى مسكين واحد في ستين يوما خلافا لأبي حنيفة حيث اجتزى بذلك الصرف إلى واحد في ستين يوما.
أما الصرف إليه دفعة فلا يجزي اجماعا، وظاهر الآية اعتبار ذلك لأن إطعام الستين مسكينا قد اشتمل على وصف وهو المسكنة وعلى عدد وهو الستون، فكما لا يجوز الاخلال بالوصف لا يجوز الاخلال بالعدد، كما أن قوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (1) فيه تعرض وصف وعدد، فكما لا يجزي الاخلال بالوصف لا يجزي الاخلال بالعدد حتى لا يكون شاهد مرتين كشهادة اثنين، ولا فرق بين كون ذلك العدد مجتمعين في بلد واحد أو بلدان كثيرة حيث يمكن التوصل إليها، فيجب السعي إلى إطعام العدد لتوقف الواجب عليه، فإن تعذر الوصول إلى العدد جاز الاقتصار على الممكن، وفرق العدد عليهم بحسب الأيام حتى لو لم يجد سوى واحد فرق عليه في ستين يوما كما هو المشهور بين الأصحاب، ومستنده الآتي ذكره، والآية ظاهرة في عدم إجزاء ما دون العدد مطلقا فيبقى في الذمة إلى أن يوجد.
وفي موثقة إسحاق بن عمار (2) بل صحيحته (قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام