المسألة الثامنة: من حلف بالبراءة من الله ورسوله صلى الله عليه وآله أو من الأئمة عليهم السلام كان مأثوما وفعل محرما، واختلفوا في كفارته إلى أقوال:
فقيل كفارة ظهار، وإليه ذهب الشيخان وجماعة، فإن عجز عنها فكفارة يمين، وهذا الذي نقله المحقق عنهم، وهي مترتبة على نفس الحلفق بالبراءة، وقد تقدمت الأخبار الدالة على ذلك في أحكام اليمين.
وقال ابن حمزة: تلزمه كفارة النذر. وقال الصدوق - رحمه الله -: إنه يصوم ثلاثة أيام ويتصدق على عشرة مساكين.
وقد طعن علي الجميع بالضعف في المستند، فلذلك عدل المحقق وجماعة إلى أنه يأثم ولا كفارة عليه، لكن قد روى محمد بن يحيى (1) في الصحيح (قال:
ورسوله صلى الله عليه وآله فحنث، ما توبته وما كفارته؟ فوقع عليه السلام: يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد ويستغفر الله عز وجل).
وبمضمونه أفتى العلامة في المختلف وتبعه عليه جماعة من متأخري المتأخرين.
ويدل على ما ذهب إليه الصدوق خبر عمرو بن حريث كما في التهذيب (2) عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: سألته عن رجل قال: إن كلم ذا قرابة له فعليه المشي إلى بيت الله وكل ما يملكه في سبيل الله وهو برئ من دين محمد صلى الله وعليه وآله، قال:
يصوم ثلاثة أيام ويتصدق على عشرة مساكين).
لكن في تلك الصحيحة ترتب الكفارة على نفص الحنث لا على مجرد الحلف بها، وظاهر هذا الخبر ترتبها على نفس الحلف. ويمكن حمل قوله في الصحيحة (فحنث) أي فأذنب بحلفه بالبراءة، فسمى نفس الحلف حنثا، فلا منافاة إذن بين الخبرين. وهذا هو الذي يظهر من الفتوى من مثبتي الكفارة.